لم أرَ في حياتي مجاملة في القنوات الفضائية إلا في السودان، فالفضائيات تقدم المبدعين وأصحاب الأفكار الجيدة والمميزين وأصحاب الخبرات وحتى أصحاب الشكل المقبول إلى المشاهد، ولكن في السودان أي شخص يمكن أن يطل على أي فضائية بدون أن يكون له أدنى معرفة أو خبرة بالفضائية التي يحاول أن يطل من خلالها، فالفضائيات السودانية أصبحت معظمها مجاملات ويمكن أن يدخل الشخص الفضائية ويدعي أنه مذيع أو مقدم برامج ناجح ولكن في حقيقة الأمر أنه لا علاقة له بهذا المجال.. يمكن أن يكون بارعاً في مجال آخر، ولكن الإعلام سواء كان الأمر متعلقاً بصُحُف أو إذاعة أو فضائية، ولذلك نجد الكثيرين من المشاهدين للقنوات السودانية يهربون منها إلى المحطات الأخرى، والسبب أن مقدم هذا البرنامج ليس من الكادر الذي يمكن أن يقدم عملاً يرقى للمشاهدة، وإذا ضربنا مثلاً بقناة النيل الأزرق الأكثر مشاهدة، بدأت في توظيف بعض الذين يدعون أنهم يقدمون برامج تجذب المشاهدين، ولكن حقيقة أن الذين تم توظيفهم أو تقديمهم للمشاهدين من الأفضل أن يذهبوا إلى المهن التي كانوا عليها امكن يكون المواطن مقتنع بهم في هذا المجال، ولكن في تقديم البرامج وجذب الجمهور فافتكر لا يصلحون له وحتى إدارة النيل الأزرق من المفترض أن تحافظ على تاريخ القناة ونسبة المشاهدة العالية التي خلقتها لسنين طويلة، فالأستاذ “حسن فضل المولى” لا اظن يريد أن يمسح تاريخه بالمجاملة ولا التنازل إلى الآخرين ليضعفوا القناة، وهناك ممن يثرثرون أكثر من الضيوف الذين يتم استضافتهم ظناً من هذا أو تلك أن تلك الثرثرة تعني التثقيف والفهم وامتلاك المعلومات للاستعراض بها أمام الشاشة، ولكن لا يدري هذا أو هذه أن تلك خصلة غير محببة لدى المشاهد، فالمشاهد يرغب في الاستماع إلى حديث الضيف وليس مقدم البرنامج، وإذا ضربنا مثلاً بالأستاذ “حسين خوجلي”، نجده يقدم للمشاهد حواراً مميزاً إذا استضاف أي نجم من النجوم في الفن أو السياسة أو الأدب أو حتى لو تحدث بنفسه في برنامج يطول زمنه لعدد من الساعات، فلا اظن هناك اختلافاً في المادة التي يقدمها “حسين” للمشاهد من حلاوة اللغة والسرد الممتع، ولكن الذين يحاولون أن يخلقوا لأنفسهم هالة بالكذب من المفترض أن يبحثوا في مجالات أخرى عسى ولعل أن يتقبلهم الجمهور في هذا الموقع، والصُحُف لا تقل عن الفضائيات، فهناك ممن يدعون الكتابة أو ادعاء المعرفة، ولكن المجاملات أحياناً تمنح هذا الشخص ادعاء المعرفة، ولذلك يجب على القائمين على أمر الإعلام ألا تفتح الأبواب لكل من هبَّ ودبَّ، مثل شهادة القيد الصحفي التي يمنحها الاتحاد لكل من يظن أنه صحفي، مما شوهوا صورة الصحفيين في المجتمع وأمام المسؤولين، الآن هناك ممن يحملون تلك البطاقة ويعملون بها العجب العجاب، والمصيبة الاتحاد يعلم ومجلس الصحافة والمطبوعات يعلم ومن يحمل تلك البطاقة يعلم أنه ليس من منسوبي هذه المهنة، فالمبدع شخص معروف أن كان صحفياً أو إذاعياً أو مذيعاً في فضائية، ويجب أن يتم التدقيق في كل من يريد الدخول في هذا العالم المميز، فلا تجعلوا المشاهدين يغيروا المحطة بدون ما يشعروا بسبب أولئك المدعين.