ولنا رأي

هل تبدد تفاؤلنا بقمة "البشير سلفا"؟!

على الرغم من التفاؤل الكبير الذي بدأ يرتسم على وجوه الكثيرين من أبناء الشعب السوداني للقاء القمة بين الرئيسين “عمر البشير” رئيس جمهورية السودان و”سلفاكير ميارديت” رئيس حكومة الجنوب، ولكن هذا التفاؤل بدأ يتبدد رويداً رويداً، ونحن نتابع عبر شاشات التلفزة التي نقلت لنا الاجتماع الأول لهذه القمة بين الرئيسين في وقت متأخر من مساء أمس الأول، كنا نلاحظ أصحاب الكاميرات يجولون ويحاولون التقاط الصور التي تدل على اللقاء المرتقب، وعلى الرغم من أن الرئيس “عمر البشير” بدأ يوزع البسمات وهو صادق فيها، ولكن رئيس حكومة الجنوب كأنه مجبرٌ على هذا اللقاء، وهذا بدد التفاؤل لدى مواطني الشعبين في الشمال والجنوب، ابتسامات كانت أشبه بالصفراء، أصبح يوزعها رئيس حكومة الجنوب وابتسامات شبه خجولة حتى لم تبين بياض أسنانه التي يحاول دائماً إخفاءها عندما يلتقي مع الأخوة في الشمال، بينما يظهر آخر ضرس له عندما يلتقي بالأوروبيين والأمريكان، فتجده يوزع البسمات هنا وهناك، وهذه عقدة لن تزول حتى ولو أصبحت دولة جنوب السودان دولة كاملة السيادة فـ”سلفاكير” وكل من هو على شاكلته لن ينفكوا من عقدة الخواجة، وستظل تلازمهم أبد الدهر، كما لازمتهم عقدة مواطنين من الدرجة الثانية عندما كانوا مع دولة الشمال، وستظل أيضاً عقدة مواطنين من الدرجة الثانية حتى ولو أصبحوا مواطنين من الدرجة الأولى.
أصبحنا غير متفائلين بمخرجات هذه القمة طالما الإخوة في الجنوب غير مقتنعين بالجلوس مع الأخوة في الشمال وإنهاء الملفات العالقة بينهم.. لقد لاحظنا كلما لاحت على الأفق بوادر لإنهاء الأزمة بين البلدين ظهرت أزمة من جديد، لم تخطر على البال أو على الحسبان، فقضية (14) ميل لم تكن في حسابات الشماليين، فكل القضايا الخلافية التي جلس وفدا التفاوض لحلها هي مشكلة الحدود وهي معروفة من قبل، وقضية أبيي وهي أيضاً معروفة، ثم ظهرت قضية البترول وكيفية استئناف ضخ البترول من جديد عبر الشمال، ولذلك أحسسنا أن جلسة واحدة بين الرئيسين تنهي الأزمة دون أي تعقيدات أو ظهور ملفات جديدة، ولكن يبدو أن اجتماع منتصف الليل جاء بجديد وبرزت متغيرات لم تكن في حسابات الرئيس “عمر البشير” ولا الرئيس “سلفاكير”.. يبدو أن هناك جهات ظهرت لتعرقل هذه القمة، ونحن نعلم أن الثقة مازالت مفقودة بين الوفدين وإن جلسا وابتسما وتصافحا، فما زالت النفوس تحمل الكثير من الضغائن، وإذا لم تصفُ النفوس وتتبدد رواسب الماضي، فلا نتوقع أن نعيش في سلام مع دولة الجنوب، حتى ولو وقعنا كل الاتفاقيات وانتهت الأزمة وتصافح “البشير” و”سلفاكير” وحمل بعضهم البعض بالأحضان وظهرت نوائب “سلفاكير” وظهر بياض أسنانه، وابتسم “باقان أموم” ابتسامته المعهودة والتي يخفي من ورائها الكثير من الحقد والكراهية لأبناء الشمال.
إنَّ الوساطة الأفريقية والعالم الأوروبي مهما حاولا أن ينهيا أزمة الشمال مع الجنوب لن تنتهي، طالما هناك مستفيدون؛ لذا ينبغي أن يتمسك وفد الحكومة والرئيس بسيادة الوطن، ويجب ألا يتنازل حتى ولو عادت الحرب من جديد.

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية