الدولار أسباب الارتفاع والهبوط!!
* ظللت خلال اليومين الماضيين أتابع حركة الدولار بين الصعود والهبوط، ولم أعرف الأسباب الحقيقية لذلك، وتعجبت للانخفاض المفاجيء له إلى مادون الثلاثينات، بعد أن وصل إلى الأربعينات في فترة وجيزة، فالسياسات التى اتخذها بنك السودان برفع السعر التأشيري إلى ثلاثين جنيهاً ربما يقول قائل هي السبب فى ذلك، ولكن البعض عزا ذلك إلى الإجراءات القانونية التى اتخذتها الدولة تجاه تجار العملة، فإذا كانت الدولة تعتقد أن تلك الإجراءات سوف توقف الدولار في هذا الرقم أو ما دونه تكون لا تعرف السوق ولا الاقتصاد، فتجار الدولار بعد أن ذاقوا حلاوة الربح السهل، وجرت الأموال الكثيرة في أيديهم، لن يتنازلوا عن تلك التجارة السهلة، ولذلك فإن الهبوط المفاجيء للدولار ليس لأن الدولة ضخت كميات كبيرة من العملة في السوق، أو تلقت كميات كبيرة منه من الدول الصديقة، أو ارتفع الصادر وأدخل لنا كميات كبيرة منه، ولكن السبب الأساسي أن تجار العملة قد أخافتهم تلك الاعتقالات والملاحقة القانونية، مما جعلهم يختفون من الساحة تماماً، وروجوا لأن الدولار قد بلغ الثلاثين أو أدنى من ذلك لضرب الخصوم، فالدولة محتاجة إلى اتخاذ تدابير جديدة للحفاظ على الوضع الحالي في ظل هبوط الدولار إلى أدنى سعر، ولو لم يكن حقيقة لأن التجار يمكنهم المجازفة بأرواحهم فى سبيل الحصول على أكبر كمية من المال.
* وحتى لا يعودوا إلى سابق عهدهم ويحاولون رفع الأسعار من جديد لابد أن تكون هناك محاكمات فورية لكل من يُكتشف أنه أضر بالاقتصاد الوطني، وحسب ما ذكر وزير التعاون الدولي: إن الذين يتاجرون بالدولار لا يتعدون العشرة أشخاص، فعلى الأقل يفترض أن يتم اعتقال نصفهم، وإصدار أحكام رادعة في مواجهتهم لإخافة الآخرين، وإلا فإذا تراخت الدولة من اتخاذ الإجراءات القوية تجاه المتلاعبين باقتصاد البلد، فإن العملية سوف تستمر، بل سيدخل آخرون طالما أن الدولة ليس لها من القوانين الرادعة تجاه هؤلاء.
* إن مسألة تراجع الدولار أو هبوط أسعاره من المفترض أن تنعكس على الأسعار بالأسواق، ولكن التجار حينما يرتفع الدولار فبضائعهم في أرففها تزيد عشرات المرات، ولكن عند الانخفاض لا أحد يجرؤ على خفض سلعته ولو جنيهاً واحداً، بينما الزيادة تتضاعف على السلعة فوراً، فالسلعة أياً كان نوعها تجد أولئك التجار يتمسكون بالزيادة دون النقصان، ولذلك كلما كانت الحكومة جادة في تفعيل قوانينها، فلا أعتقد أن أي إنسان يمكن أن يتاجر بهذه العملة طالما تعرضه للموت، فالسوق العربي تحول معظمه إلى تجار عملة، لأنها سلعة سريعة العائد بدون معاناة أو دفع ضرائب أو تاجير مكتب أو فرندة، الشخص على قدميه يبيع ويشتري، والآن أصبح العطالى يتصيدون القادمين من الدول البترولية أو الدول الخارجية، يتصيدونهم من بوابة الخروج بالمطار، ويظلوا يلاحقونهم لأخذ ما عندهم من عملة، أياً كان المبلغ دولار أو ريال أو يورو، ولا أمن اقتصادي يتصدى لهم، ولا توجد أي جهة رقابية تلقي القبض عليهم، ولذلك أصبحت تجارة العملة من التجارات الرابحة، ولا شئ يوقفها إلا القوانين الرادعة، فإن فعلتها الدولة ستظل العملة محافظة على السعر، وإلا سيكون كل يوم لدينا سعر، وسيختفي التجار فترة ثم يعاودون نشاطهم من جديد إذا اطمأنوا إلى أن الدولة لم تتخذ الإجراءات الصارمة حيالهم، فحلاوة الدولار والتجارة فيه لن تنتهي، وإذا عاود التجار نشاطهم فهذه المرة ستكون أصعب من الماضية، فلابد أن تنتبه الدولة لذلك.