هل فشلت صحافة الحكومة ؟ (7)
تمت تصفية الرائد وحسب الأقوال إن السيد رئيس التحرير الأستاذ راشد عبد الرحيم لم يخطر بقرار التصفية ولم يكن عضواً في لجنة التصفية، وحسب لجان التصفيات للمؤسسات الخاسرة فدائماً اللجان التي تكوّن يأتيها يتم من خارج المؤسسة إلا بعض الأشخاص الذين يمدونها بالملفات والمعلومات، ولكن في حالة الرائد الوضع مختلف تماماً والوضع مقلوب فكيف يكون الخصم والعدل في هذه اللجنة؟ وكيف يوضع أشخاص حديثي عهد بالمؤسسة التي كانت ناجحة في بداياتها قبل أن يسري السرطان في جسدها ومن ثم يعلن عن نبأ وفاتها.
عندما أعلن في سبتمبر من العام 2005 تصفية صحيفة الأنباء التي كان يرأس تحريرها الأستاذ عبد المحمود نور الدائم الكرنكي، وكان أول رئيس تحرير لصحيفة الرائد قبل أن تهيمن مراكز القوى على كل مفاصل الجريدة، ومن ثم زعزعة الكرنكي ويجبر على تقديم استقالته بالتدخلات التي أنهت مؤسسة كان من الممكن أن يشار لها بالبنان، وكانت مصدر رزق لكثيرين من الإداريين قبل أن يتكتلوا على التحرير وينهوا عقودات أفضل المحررين والصحفيين الذين جاءوا إلى الرائد وهم أكثر خبرة ودراية ومعرفة بالعمل الصحفي وكانوا من الأقلام المشهود لها بالطهر والنقاء مارسوها داخل السودان وخارجه وجلسوا مع فطاحلة العمل الصحفي بالوطن العربي، لم يأتوا إلى الصحافة متسلقين أو فاشلين (تامنها) بالحقد والحسد والكراهية وزعزعة الموهوبين ليبقى فيها الفاشلون الذين لم يجدوا مكاناً يضمهم.. أما الذين مُورست عليهم الوشاية لم يبحثوا عن الواسطات فمؤهلاتهم قادتهم من نجاح إلى نجاح وكل الذين جرى فصلهم من الرائد وجدوا مواقعهم في المؤسسات التي تحترم خبرتهم وتجاربهم ومعرفتهم بالعمل الصحفي.
إن اللجنة التي أُسندت إليها تصفية الرائد ليس لها سند قانوني وليسألوا العارفين إن كانوا يجهلون، فالمؤسسات الخاسرة تُسند لها لجنة تصفية قانونية تسأل عن دين المؤسسة والدائنين لها، وليس من حق العاملين في مثل هذه المؤسسة أن يكونوا جزءاً من لجنة التصفية، وهناك أشخاص في هذه اللجنة وسبق أن كانوا في صحيفة الأنباء التي جرت تصفيتها وهم يعلمون كيف شكلت لجنة التصفية، وكيف سار عملها وكيف نال المتضررون حقوقهم وكيف حُفظت حقوق العاملين الذين لم ينالوها؟.. اسألوا المتخصصين في عمليات التصفية بشارع الجمهورية وهم سينيرون لكم الطريق إن كانت هنالك عتمة.
إن المحررين بصحيفة الرائد ظُلموا وخرجوا منها والحسرة تملأ قلوبهم ليس لضياع حقوقهم ولكن لضياع المؤسسة التي سكب فيها الدم والعرق معظم الذين عملوا بالرائد كانوا مهنيين ولم يكونوا من منسوبي المؤتمر الوطني الذي أراد أن يؤسس مؤسسة إعلامية يشار لها بالبنان، ولكن الحقد والحسد والطمع قضى عليها قبل أن يكتمل بنيانها.
تهاوت الرائد يميناً ويساراً وقذفت بها الرياح إلى مكان سحيق، فمن المستفيد من تحطيم هذا الصرح العظيم؟، حتى الدولة لم تعير الأمر اهتماماً ولا المؤتمر الوطني تدخل لوقف نزيف التصفيات التي حدثت، ولم يسأل عن أسباب التصفيات والصراعات التي مرت.. بعض الذين أسند لهم الأمر لم يكن همهم إلا المال والمرتب فكل آخر شهر يأتي الرجل ليأخذ المرتب الكبير ويذهب وحتى الصحيفة لم يطلع عليها ولا على موادها ولم يعرف أحداً من كتابها.. كان هناك مكتب أنيق يدخل رئيس مجلس الإدارة ويتناول كوباً من العصير وفنجاناً من الشاي ومن ثم يخرج كالنسمة لا يحس به أحد حينما يدخل ولا حينما يخرج.. أذكر أن رئيس مجلس الإدارة الذي يريد الاستفادة من موقعه واسمه للسفر إلى الصين طلب معلومات عن الصين وكان هناك حوار أجري مع السفير الصيني نُشر بالصحيفة التي يتولى أمر رئاسة مجلسها ولم يطلع عليه فتهافت المتهافتون للبحث عن الحوار الذي أجري مع السفير الصيني، ألم أقل لكم جاءوا من أجل المال فقط، ألم يطلعوا على سيرة الشيخ ياسين عمر الإمام، رئيس مجلس إدارة السودان الحديث والأنباء من بعد، كان يطلع على كل صغيرة وكبيرة بالصحيفة التي يرأس مجلس إدارتها ويحاسب حتى رئيس التحرير إن قصر المحررون.. الرائد كانت عبارة عن ضيعة ليأكل منها الناس، فضاعت وأضاعوها.
(نواصل)