الجنوب يراقب ولَّا يأكل؟
حملت صحف الخرطوم الصادرة أمس، أن دولة جنوب السودان اشترت طائرات بدون طيار وكاميرات للمراقبة الأمنية من إسرائيل، بالله عليكم ألم يلعب الرئيس “سلفا كير” بشعبه، أن صحت تلك الأخبار بشرائه للطائرات وكاميرات المراقبة، وشعبه طحنه الجوع والمرض والفقر؟، ألم يتعظ الرئيس “سلفا كير” من مصير الحكام الذين أذلوا شعوبهم وأفقروهم؟، ألم يرَ كيف لقي “علي عبد الله صالح” مصيره من شعبه؟، ألم يسمع كيف فعل الشعب الليبي بالرئيس “معمر القذافي”؟ رغم أن الفارق كبير جداً بما قدمه الرئيس “القذافي” لشعبه، على الأقل لم نسمع أن ليبياً هجر بلده بسبب الجوع أو الفقر أو المرض، صحيح أن “القذافي” بدد ثروة شعبه، ولكن لم نسمع أن واحداً من الشعب الليبي مات من الجوع، عكس الرئيس “سلفا كير” الذي لم يصل إلى مرحلة ليبيا من رغد العيش ونعيمه.. فالطائرات التي اتفق على شرائها من إسرائيل أو كاميرات المراقبة، من أين له بالمال الذي يكمل به هذه الصفقة؟!! إن دولة الجنوب تتخبط الآن، ورئيسها لم يعرف ما الذي يريد أن يعمله مع المعارضة، التي أفقدته البوصلة تماماً فلم يستطع إدارة دفة الحكم، فأوراق اللعبة الآن بيد المعارضين الذين فقدوا الثقة فيه وفي نظام حكمه الذي تجاوز الست سنوات، ولم تتضح رؤيته فى عملية البناء والاستقرار، وها هو يأتي ببدعة جديدة اسمها كاميرات مراقبة وطائرات بدون طيار كمان، إن دولة الجنوب تحتاج الآن إلى إعادة الثقة بين الحكومة والمعارضة، فإن لم يستطع “سلفا كير” أن يعيدها فلن تنفع الطائرات أو الكاميرات، وأما أن تكون إسرائيل تريد أن تستخدمه مطية لتنفيذ أغراضها في المنطقة، خاصة دولة الشمال التي عجزت كل المخابرات والمؤامرات من اختراقها، فلجأت إلى الجنوب الذي مازالت بوصلته مفقودة منذ أن نال استقلاله من الشمال، فإسرائيل منى نفسها أن تجد لها موضع قدم في أفريقيا، وهذا الشرف لن تقدمه لها إلا دولة تعيش على الارتزاق والمؤامرات، ولكن دولة تحترم سيادتها فلن تمنحها هذا الشرف، فإسرائيل أقلق الفلسطينيون نومها، فتريد أن تنفتح إلى العالم من خلال أفريقيا، ولو أتاح لها “سلفا كير” هذا يكون قد خسر نفسه وخسر المنطقة بأثرها، أما السودان الشمالي فلن تخيفه إسرائيل ولا كاميرات المراقبة ولا طائرات التجسس الإسرائيلية، فقد تحصن من كل عمليات المؤامرات أن كانت من أبناء البلد أو المؤامرات الخارجية، “فسلفا كير” الذي جاء إلى الخرطوم قبل شهر تقريباً وطلب العون والمساعدة ووقع على استئناف العلاقات، نعلم أنه ليس صادقاً في كل ما يقول، فكم من أحاديث وكم من اتفاقيات وقعها وعندما يعود إلى بلده ينكص العهد والمواثيق وربما يريد من خلال الصفقة التي ذكرها أو الاتفاق مع إسرائيل كذبة يريد من خلالها إخافة المعارضة والدول المجاورة، لكن كل الذي يقوم به لن يجدي ولن يساعده في عملية الاستقرار التي ينشدها إلا بالصدق أولا مع شعبه ومع المعارضة التي أربكت كل حساباته، وبخلاف ذلك لن يستطيع أن يستمر في الحُكم وهو مطمئن، فالعالم كله اتجه الآن إلى ترك البندقية جانباً واستخدام لغة الحوار، وهو السبيل الوحيد الرائج الآن في الدنيا.. إلا إذا كان الرئيس “سلفا كير” ما زال يعيش في القرون الوسطى ويظن أن السلاح هو الوسيلة الوحيدة لتركيع الشعوب.. “فسلفا كير” أمامه فرصة واحدة لاستقرار بلده وهي الجلوس مع معارضيه وإرضاء شعبه، فلا الكاميرات ولا الطائرات ستجعل حكمه مستقراً.