ولنا رأي

البرلمان وتعديل في قانون الإجراءات!

جدل كثيف دار في قبة البرلمان أمس الأول، بخصوص بعض التعديلات التي ستطال قانون الإجراءات الجنائية وأهمها زيادة أيام حبس المتهم من ثلاثة أيام، إلى عشرة وإطلاق سراح متهمي الشيكات بضمانة مالية أو رهن أو حجز عقاري. الجدل استمر مع البرلماني الأستاذ “كمال عمر” الذي وصف التعديلات بالخطيرة والمخلة، وقال: إن قانون 1991 من أفضل القوانين وأن ما يحدث يعد ردة  لمخرجات الحوار الوطني، الأستاذ “كمال عمر” لم يكن الوحيد المنتقد التعديلات وهناك هناك بعض النواب الذين يرون ما يرى “كمال عمر” لا ندري ما هي العجلة من تعديل القوانين إذا كان أهل القانون أنفسهم يرون دون ما يرى بقية الشعب الذي لا يعرف حقوقه، فالشيكات المرتدة الشخص الذي حرَّر شيكاً يعلم تماماً أن كان لديه رصيد في حسابه أم لا، ولذلك إذا عدَّلت تلك المادة فعلاً تكون هناك ردة، لأن المواطن أو التاجر أو أي شخص ظل يتعامل بالشيكات ولدغ من أصحاب الضمير الميِّت الذين يعرفون كيف يأكلون أموال الناس بالباطل، وهؤلاء يجب أن تشدَّد لهم العقوبة بدلاً من تخفيفها أو إيجاد مخرج لهم عن طريق تلك القوانين التي تجري سراً أو علناً في تعديلها ولمصلحة من تعدَّل هذه الفقرات لمصلحة هذا اللص أم للمسكين الذي سرقت أمواله جهاراً نهاراً والسارق يعرف تماماً أن رصيده  خالٍ من المال فالقوانين أحياناً كأنها تفصل لمصلحة اللصوص، فالأستاذة “بدرية” قانونية ضليعة تعرف تماماً أن تلك التعديلات ليست في مصلحة أصحاب الحق فكيف يكون الإصرار عليها، ولماذا لا نقف مع الشخص الذي وضع ثقته في شخص ظن فيه الخير؟ فقانون الشيكات يفترض أن يشدِّد أكثر حتى نعيد للشيك مكانته القديمة بدلاً من هذه الصورة القبيحة التي رسمها أولئك اللصوص، وحتى اللص الذي يعلم أنه خدع صاحب المال إذا لم يردع بالقانون سيظل يماطل إلى أن تتدخل الأجاويد ويطلبون من صاحب المال أن يقبل بجزء من المال الذي أخذه فلان الفلاني أو يقولون المال تلته ولا كتلته والخاسر في النهاية صاحب المال الذي أضاع ماله أولاً ثم أضاع وقته في البحث عن كيفية استرداد هذا المبلغ، ولذلك قبل أن تجاز التعديلات لابد من قيام ورشة كبرى من قبل أهل القانون تتم فيها مناقشة التعديلات بحرية تامة للوصول إلى صيغة ترضى الطرفين، وإلا نكون قد أحدثنا ردة في القانون الذي حفظ للآخرين حقوقهم من عصابات النهب، أما عملية حبس المتهم وزيادة أيامها من ثلاثة أيام إلى عشرة، فهذه مبالغة فيها ويجب أن تخضع إلى المراجعة والدراسة، فهناك فطاحلة في مجال القانون يمكن الاستعانة بهم وأخذ رأيهم ومن ثم الوصول إلى صيغة التعديل المطلوبة، لأن مؤتمر الحوار الوطني الذي استمر إلى ثلاث سنوات، بالتأكيد لم يصل إلى تلك المخرجات التي بلغت أكثر من تسعمائة توصية، بالساهل، فقد كان هناك حراك وجدل طويل استمر طوال  تلك الفترة، ولذلك ليس من المنطق أن تعدَّل تلك المخرجات بكل سهولة ..فالحوار الوطني حينما رفع التوصيات رفعها بغرض الأخذ بها وليس تعديلها من جديد، لأن المؤتمرين توصلوا إلى تلك الصيغ بعد مجهود كبير وجرى الاتفاق عليها وتمت مباركتها من رئيس الجمهورية إذا لا داعي إلى التعديل الذي تكون فيه أضرار بتلك المخرجات وأضرار بالأشخاص الذين تم التعديل من أجلهم، فالورشة هي السبيل الوحيد للوصول إلى صيغة ترضى الجميع.

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية