والبخوف التجار منو؟
توارى تجار العُملة بعد القرارات الأخيرة وهرب منهم من هرب واختفى من السوق من اختفى، ولكن مازال التجار رابطين سلعهم بالدولار، فإذا دخلت أي بقالة كبيرة أو صغيرة تجد الأسعار مازالت في حالة تصاعد، وإذا سألت التجار يا أخي أمس كان السعر كذا لماذا اليوم بكذا؟ يقول ليك الدولار وصل كذا أو الدولار لم يستقر، علماً أن البضاعة موضوعة في الرف منذ شهور، ولكنها تزيد يومياً بسبب الدولار، وحتى أصحاب الخضر والفاكهة رابطين أسعارهم بالدولار على الرغم من أن الخضروات هذا موسمها ولو تروى بماء مستجلب من المكسيك أو هولندا فالماء سوداني والأرض سودانية، فما هو السبب الذي يجعل جوال البصل يرتفع إلى أكثر من ستمائة جنيه والبطاطس إلى ثلاثين جنيهاً للكيلو، لا توجد أسباب أو مبررات لتلك الزيادات المفتعلة، فالمواطن السوداني لم يعرف حتى الآن أدب المقاطعة، فلو استخدم هذا الأسلوب ربما السلع لم تجد من يشتريها أو ربما التجار باعوها للناس “بالاقصاد”، فالتاجر السوداني يريد بين يوم وليلة أن يكون من الأثرياء له في العام أكثر من عربة وأكثر من زوجة وأكثر من منزل في الرياض وكافوري والمنشية، فسكن الحاج يوسف وأمبدات ليس راغباً فيه، ولذلك كل يوم تجد السوق مولع نار، والدولة التي عقدت اجتماعاً مهماً مع رئيس الجمهورية والقطاعات الاقتصادية وجففت السوق من المتاجرين بالدولار، الخطوة الثانية ينبغي أن تعقد للنظر في حال جشع التجار، بالأمس ذهبت إلى البقالة وكانت أسعار البيض قد تجاوزت الخمسين جنيهاً بعد أن وصلت إلى الأربعين والثلاثين جنيهاً ولم يكن البيض وحده هو الذي ارتفعت أسعاره، ولكن كل الأرفف التي توضع فيها السلع زادت بصورة جنونية، ولما سألنا عن السبب؟ قالوا الدولار. وينو الدولار الذي يتحدثون عنه وهل البضاعة التي وضعت في الرف تم شراؤها في ظل ارتفاع الدولار أم تم شراؤها عندما كان الدولار في سعر التاشرات منه؟ وإذا كانت الأسعار التي تم شراء السلع بها والدولار لم يصل إلى الأرقام الفلكية، لماذا التاجر ما يبيع بالأسعار القديمة وعندما يشتري بالأسعار الجديدة عليه أن يبيع بها، ولكن أن يكسب التاجر في السلعة الواحدة خمسمائة في المية، فهذا حرام، صحيح التجارة عرض وطلب، ولكن المبالغة في الأسعار فيها حُرمة، فالسوق جميعه راكد، ولا ندري ما الذي ينتظرونه، فأصحاب الأجهزة الكهربائية أوقفوا البيع، ولما سألنا قالوا منتظرين أن يستقر الدولار، بمعنى أن السلعة ستظل في المحل إلى أن يصير سعرها عشرة أضعاف السعر القديم، فالدولة كما تدخلت لكبح جماح الدولار، عليها أن تتدخل لوقف السيل المستمر في أسعار السلع الاستهلاكية، فلو لم تقم الدولة بإصدار قرارات صارمة، فالسوق سيكون أصعب على المواطنين فالضروريات هي الأهم الآن السُكر واللبن والفول والخضار هذه هي الضروريات، أما بقية الأشياء فيجب إيقاف استيرادها على الأقل إلى أن يتعافى الاقتصاد كما فعلت الإنقاذ في مراحلها الأولى، ولكن أن يترك الحبل على الغارب للتجار كل يوم يكون لهم سعر في السلعة فهذا غير موجود في أي دولة من الدول التي تحترم شعبها.. فالدولة عليها أن تساعد المواطنين في إيجاد البدائل لزيادة الإنتاج.. فإذا ما زاد الإنتاج بالتأكيد سترفع قيمة العُملة، فالكل لابد أن ينتج، فلو ترك الأمر للتجار فقط فإن الانهيار سيكون في كافة المجالات وأهمها الأخلاق، فقبل أن نصل إلى تلك المرحلة لا بد أن تتدخل الدولة اليوم قبل الغد.