ولنا رأي

(ما شي لي وين أنت)؟

لم يكن هناك أي مبرر لتصاعد سعر الدولار الذي وصل في أقل من أسبوعين إلى هذا الرقم الخرافي، ولا أحد بعد رفع الحصار الاقتصادي أن يكون الدولار قد تجاوز كل الخطوط الحمراء، فإذا كان الدولار خلال الفترة الماضية قد بلغ الثمانية عشر أو حتى العشرين جنيهاً، واستقر لفترة طويلة من الزمن في هذا الرقم، ما هي الأسباب والدوافع التي جعلته يصل إلى ثمانية وعشرين جنيهاً؟. إن الارتفاع في سعره مربوط بجهات تريد أن تسقط الحكومة عن طريق الدولار، فتبث في قلوب المواطنين تلك الإشاعات بأن سعر الدولار اليوم كذا وبعد ساعة كذا، فهذا يعني تلك الجهة مستهدفة المواطن المسكين، لأن الحكومة ما عندها مشكلة من حيث الأكل والشراب والشراء وحتى تعليم أولادهم ما عندهم مشكلة فيها، إذاً المستهدف أولئك المساكين والغلابة من عامة الشعب، فالاقتصاد يجب أن يكون على رأسه أناس لهم خبرة ومعرفة في هذا المجال، ولكن أن تسند الدولة العملية الاقتصادية لناس لا معرفه لهم به، فهذه هي المشكلة الأساسية، فوزير المالية لا أظن له علاقة بالاقتصاد، ولم نسمع به في دائرة من الدوائر الاقتصادية منذ أن جاءت الإنقاذ في 1989م، ولذلك لن يستطيع أن يفيد الاقتصاد السوداني بشيء، فمن المفترض أن تستعين الدولة بأصحاب الخبرة والمعرفة في هذا المجال، فليس من العقل أو المنطق وزير تسند إليه حقيبة بهذا المستوى ولا تكون له رؤية في الحل، ولذلك أصبح تجار السوق الأسود هم المهيِّمنين في العملية الاقتصادية، ففي أقل من أسبوعين بدأوا يلعبون بالحكومة وبكل الاقتصاديين من وزير المالية إلى محافظ بنك السودان إلى القطاعات الاقتصادية المختلفة. إن الطلب على الدولار يجب أن ينحصر على الضروريات لا سلع استفزازية لا توم من الصين ولا كراسي أو أواني، فالدولة محتاجة إلى قرارات حاسمة، كما فعل الرئيس في ولاية الجزيرة، فكلما كانت القرارات قوية وحاسمة بالتأكيد ستأتي أكلها، ولكن أن يترك الأمر لتجار السوق الأسود فالسفينة ستغرق بمن فيها، ولذلك من الآن يجب أن تشن الدولة حملة كبيرة على المضاربين بالداخل والخارج حتى تستقر الأوضاع، والإنقاذ حينما حلت لم يكن هنالك سكر ولا لبن، والعِيشة كانت مرة على الجميع، ولكن عندما وضعت الدولة الرجل المناسب في المكان المناسب عاش الناس من بعد ذلك حياة الرفاهية واستوردت السلع الاستفزازية التي ملأت الأسواق من بعد ذلك، فالآن لسنا في حاجة إلى كثير من السلع التي ترهق كاهل الحكومة وتساهم في رفع  سعر الدولار إلى هذه الأرقام الفلكية. الحكومة لا بد أن تراجع سياساتها وأن تأتي باقتصاديين محترفين، فالبلد بها من الكفاءات التي تنقذها من الحالة التي هي عليها، فلماذا الإبقاء على فاشلين ننتظرهم إلى أن تغرق البلد، أقيلوهم بدلاً من ضياع الدولة بأكملها، والحكومة تعلم تماماً من هم الأفضل لإنقاذ البلد من الحالة التي هي عليها، ففي فترة من الفترات عشنا حالة من الاستقرار في زمن وزير المالية الراحل “عبد الوهاب عثمان” من أين بتلك الوصفة السحرية التي جعلت الاقتصاد يستقر طوال تلك المدة التي تآمر عليه المتآمرين وأغضبوه حتى خرج عن طوره وترك الجمل بما حمل الآن محتاجين إلى “عبد الوهاب عثمان” آخر لينقذنا من الحالة التي نحن عليها، خلونا من المجاملات ليعود الدولار إلى وضعه الطبيعي ويعود الاستقرار إلى البلد وإلا سنصبح مثل دولة الجنوب التي وصل الدولار فيها إلى أرقام خرافية.

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية