ولنا رأي

ما بين الصحافة والوزراء

احتج عدد من الصحفيين البرلمانيين على المعاملة السيئة من حرس وزير الداخلية، إبان جلسة أمس الأول بالبرلمان، فالسيد الوزير لا تربطه أي علاقة بالإخوة الصحفيين غير المعلومات التي يرغبون في الحصول عليها منه، ومن ثم تقديمها إلى القارئ، ولذلك على الأقل كان على السيد الوزير أن يطيب خاطر الإخوة الصحفيين من معاملة حرسه، ولكن الصحفيين دائماً يتعرضون إلى الإساءة من حراس الوزراء، وأحيانا من الوزراء أنفسهم، خاصة عندما يرغب أي صحفي الحصول على معلومات تخص المواطن، إلا أن العلاقة دائماً يشوبها نوع من التوتر بين الطرفين، فالصحفي يرغب في الحصول على المعلومة، والمسؤول يرغب في إخفاء المعلومة، ومن هنا تصبح العلاقة فاترة بين الطرفين، وأحياناً تصل إلى مثل الحالة التي وصل إليها الإخوة الصحفيون مع حرس السيد الوزير، ولكن نحن لا نشمل كل الوزراء، فهناك وزراء تربطهم علاقة وطيدة بالصحفيين، وبينهم لقاءات واجتماعيات في الفرح والكره، وكم من وزير زار صحفياً طريح الفراش أو قدم واجب العزاء له ولأسرته، وهناك بعض الوزراء والمسؤولين عندما يحتاجون إلى نشر معلومات أو إقامة مؤتمر صحفي أو أي لقاء يحتاج إلى الصحافة، تقدم الدعوات ويلاحق الصحفيون من مكاتب المسؤولين، ولكن أحيانا الوزير يدخل الوزارة ويخرج منها فلا الصحفي يعرف اسمه ولا المواطن يعرف اسمه ولا أحد يعرف ماذا يعمل هذا المسؤول حتى يجري التغيير الوزاري ونسمع باسمه ضمن الذين تم إعفاؤهم،
أول مرة التقي بالسيد وزير المالية الجنرال “الركابي” في المؤتمر الصحفي، الذي عقده السيد النائب الأول الفريق أول ركن “بكري حسن صالح” بمقر رئاسة مجلس الوزراء، تحدثت وتحدث غيري معه والطلبات التي قدمت له لإجراء مقابلات صحفية خاصة، وإن السيد وزير المالية من المفترض أن يكون أكثر حديثاً خلال هذه الفترة، خاصة أن رفع الحصار الاقتصادي يتطلب معرفة وجهة نظره في ذلك، وإلى أين يتجه السودان، وما هو موقف الدولار وما هي الإجراءات المتخذة لوقف تصاعد الدولار مقابل الجنيه السوداني والكثير من المعلومات التي يرغب المواطن أن يعرفها، ولكن السيد الوزير قال: (خلونا نعمل)، والسيد الوزير عُيِّن له ستة أشهر، ولا نعرف ما الذي عمله خلال تلك الفترة والدولار متصاعد، وحتى السيد النائب الأول قال: (الطاقم الاقتصادي محتاج إلى تغيير)، ولكن في المؤتمر الصحفي حينما سُئل.. قال: (هم متين تم تعيينهم؟).
فالسيد الوزير لابد أن ينفتح على الإعلام وتمليكه المعلومات بدلاً من الاجتهادات المضرة بالاقتصاد إذا حاول الإخوة الصحفيون الحصول عليها من غير مصادرها، هناك معلومات كثيرة يحبسها الوزراء في أضابيرهم إلى أن يخرجوا من الوزارة، ولكن حينما يخرجون إما ينشرونها علناً أو سراً فالعلاقة بين الوزراء والصحافة في حالة شد وجذب بسبب المعلومات، والصحافة هي التي تقدم المسؤولين والوزراء إلى المجتمع، ولولا الصحافة لما عرف هذا الوزير الذي جاء من أصقاع الدنيا ولم يعرفه إلا قلة من المجتمع.
 تحضرني هنا أيضاً قصة مع السيد وزير العدل “إدريس جميل”، الذي لم يعرفه أحد رغم وجوده في دولة قطر لعشرات السنين، فما إن برز ترشيح اسمه لوزارة العدل، بدأت الصحافة تبحث عن اسمه وتاريخه ومولده ونشأته ودراساته والمواقع التي عمل بها، ومن ثم ذهبت الصحافة المحلية والقطرية إلى إجراء المقابلات معه، ونشر حفلات الوداع التي أقيمت له، ولكن ما إن تسلم موقعه، قلب ظهر المجن للصحافة، وكأنه لم يعرف أحداً فيها حتى الصحفيين من خارج البلاد الذين قدموه وجعلوا اسمه يتردد في الأوساط تنكر لهم وكأنه لا يعرفهم، فالصحافة لا تريد من المسؤول إلا المعلومات التي تهم المواطن، لذا لابد أن يعرف الوزير أن الصحافة هي التي تصنع المسؤول وهي التي بإمكانها أن ترفعه أو تنزله، فلابد من احترامها واحترام منسوبيها.

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية