ولنا رأي

عودة السُلَّم التعليمي القديم!

على الرغم من الانتقادات التي وجهت إلى وزير التربية والتعليم إبان الحكم المايوي الدكتور “محي الدين صابر”، إلا أنه ورغم العيوب التي ساقها الكثيرون من أهل العلم والتربية، ولكن هو الأفضل من السُلَّم التعليمي الذي أتى به الأستاذ “عبد الباسط سبدرات”. فالتعليم الذي كان يستند إلى العملية التربوية والتدريب ببخت الرضا، إلا أن التعليم من بعد ذلك زي ما بقولوا من المنتج إلى المستهلك، فالمعلم نفسه يحتاج إلى عملية تأهيل وتدريب بعد مجي الإنقاذ، لأن الذين دخلوا مجال التعليم بعد الإنقاذ كان التعليم بالنسبة لهم محطة ينتظرون فيها لفترة ومن ثم يغادرونها إلى المحطة التي أصلاً يبحثون عنها، فتدهور التعليم وأصبح الطالب الذي يتخرَّج لا يحسن القراءة ولا الكتابة، حتى المعلمين الذين دخلوا المهنة ليست لهم الرغبة في توصيل المادة إلى التلاميذ، ولذلك خرجوا لنا أنصاف متعلمين، وإذا شاهدت هذا الجيل تجده فاقد القدرة في كل شيء، أما العيوب الأخرى للسلم التعليمي الذي أتى به الأستاذ “سبدرات” لم يراع الفوارق السنية بين التلاميذ، فليس من المنطق أن تضع تلميذاً في سن المراهقة مع تلميذ يبلغ من العمر ست سنوات، أو أقل، إضافة إلى المنهج المزدحم كمعظم الجيل الذي درس بهذا السلم سيصاب في المستقبل بعاهات في الظهر والكتف بسبب الحقيبة التي يحملها تلميذ في الصف الرابع أو الخامس أو حتى الثامن. المقرَّرات عبارة عن حشو لا يستفيد منها التلميذ وهو في هذه المرحلة. أذكر أن البروف “هاشم على سالم” وزير المعادن الحالي في حوار معه ذكر لي وهو في بعثة دراسية بالسويد أو أستراليا، لا أتذكَّر قال: عندما ذهب بابنته ذات الثلاث سنوات، إلى المدرسة استلمتها المشرفة فقال لها، إن طفلته لا تعرف اللغة الإنجليزية، فردَّت عليه نحن الآن لسنا مستعجلين عليها فنريدها كيف تعرف تأكل بالشوكة والسكين، وكيف تدخل الحمام، وكيف ترتب سريرها عقب استيقاظها، فقال لي لقد خجلت من نفسي، فالتعليم عندنا حشو كمية من المقرَّرات دون أن يتعلَّم هذا الطفل كيف يدخل الحمام وكيف ينظِّف أسنانه وكيف يصلي وغيرها من الأمور التي يجب أن تُعلَّم في المدرسة قبل أن يُعلَّم كيف يحفظ المعلقات أو طوال سور القرآن.
إن وزيرة التربية وهي تعلن العودة إلى السلم التعليمي القديم فهذه بشرى للأجيال القادمة، لأن مرحلة الست سنوات، أفضل من الثماني رغم الفلسفة التي قيلت في ذلك، بأن التلميذ الذي لم يواصل تعليمه يكون قد أكمل الصف الثامن، فهذا ليس بمنطق، فالسلم التعليمي الأسبق الذي كان أربع سنوات، في كل مرحلة فإن خريج الصف الرابع أو الثالث أفضل من خريج الصف الثامن الآن، ولذلك فعودة السلم القديم ست سنوات، ثم ثلاث ثلاث على الأقل يبعد التلاميذ الصغار من التلاميذ الكبار مع إعادة السنة التي ضاعت بعد أن كان السلم أثني عشر عاماً، ليصبح أحد عشر عاماً، ويا ريت الوزيرة تعيد القبول إلى المدارس بسبع سنوات، كما كان في السابق حتى يتمكَّن التلميذ من إكمال لعبه وهو في تلك السن بدلاً من الحالة التي عليها أولئك التلاميذ الآن، وما ذكره وزير الصحة الدكتور “مأمون حميدة” والاضطرابات النفسية التي يعانون منها وهم في تلك السن الصغيرة بسبب العمر. 

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية