أخبار

التهديد الغامض

بينما ظلت الحكومة تحدِّثنا يومياً عن انتهاء مهمة أكبر بعثة أممية لمراقبة الأوضاع في بلد أفريقي أو عربي، ونعني بذلك بعثة اليوناميد في دارفور.. وأن المفاوضات في نيويورك تمضي باتجاه انسحاب قوات اليوناميد من إقليم دارفور لانتفاء الأسباب التي أدت لنشرها قبل سنوات من الآن، تفاجئنا بعثة السودان الدائمة في نيويورك بالبيان الصادر قبل أسبوعين بنشر قوات من اليوناميد في مناطق جديدة بدارفور بعد انسحاب تلك القوات من بعض المناطق..البيان الصادر في نيويورك يقول إن قوات اليوناميد سيتم نشرها في منطقة جبل مرة وبمحلية وسط الجبل، الشيء الذي يثير المخاوف وتتمدَّد علامات الاستفهام ما بين دارفور ونيويورك، أولاً هل كانت الموافقة على نشر قوات اليوناميد في مناطق سرونق وقولو جزءاً من اشتراطات الأمريكان برفع العقوبات الأمريكية عن البلاد؟ أم للخطوة المفاجئة ثمن آخر؟ وكيف توافق بعثة السودان على خطوة من شأنها إعادة إحياء التمرُّد من جديد في جبل مرة.. ولسنا هنا في حاجة للتذكير بالدور الذي ظلت تلعبه اليوناميد في دعم وإسناد التمرُّد من خلال عمليات التسليم والتسلم لعرباتها وآلياتها وأسلحتها القتالية بزعم وإدعاء تعرُّضها للسرقة والنهب والهجوم من قبل جماعات مسلَّحة.. وتحتفظ إدارة الاستخبارات العسكرية لقواتنا المسلحة بوثائق مهمة حول الدور الذي ظلت تلعبه المنظمات الأجنبية في دعم التمرُّد منذ الجنوب ومروراً بدارفور والنيل الأزرق وجنوب كردفان.
قوات اليوناميد -الآن- بعد حصولها على موافقة بعثة السودان في نيويورك على التمدُّد في جبل مرة تستعد لإنشاء قاعدة كبيرة لها في منطقة قولو على ارتفاع سبعة آلاف متر، عن سطح الأرض ليسهل تحرُّكها نحو قمة جبل مرة، حيث يتمركز القائد العام لقوات حركة “عبد الواحد” الشهير بـ”قدورة”، وقد اضطر لخلع البزة العسكرية في الفترة الأخيرة وارتداء العراقي والسروال والتنقل ما بين قرى المواطنين بحمار وحصان خوفاً من هجمة مباغتة تقوم بها القوات الموجودة بالقرب منه وتقضي على آخر معاقل “عبد الواحد محمد نور” في جبل مرة.
وفي يوم (الجمعة) الماضي، بعث الشرتاي “جعفر عبد الحكم” برسالة قال إنها الأخيرة لقادة التمرُّد في قمة جبل مرة يطلب منهم الانضمام لمسيرة السلام قبل أن تداهمهم قوة لا قبل لهم بها بعثت بها رئاسة قوات الدعم السريع لنزع سلاح المواطنين والمليشيات الممانعين تسليمه طوعاً.. ولكن رسالة الشرتاي “جعفر عبد الحكم” لن تبلغ قادة التمرُّد إذا كانت الحكومة في الخرطوم تمنح التمرُّد الروح وتوافق البعثة في نيويورك على تمدُّد قوات اليوناميد في جبل مرة بزعم تقديم الخدمات للمتضرِّرين من التمرُّد.. كل ذلك بعد زيارة القائم بالأعمال الأمريكي لجبل مرة قبل فترة قصيرة.
مبعث الخوف أن تستغل الحركات المسلَّحة فترة الهدنة الحالية.. ومناخ السلام.. وغفلة النظام وتماديه في تقديم التنازلات الكبيرة.. وتعيد الحركات المسلَّحة تنظيم نفسها وتحصل على حاجاتها من العتاد.. وتقوِّي عضلاتها التي ضمرت.. وتصبح هذه الحركات أداة تستخدم لفرض مزيد من الشروط والتنازلات.. نسأل السيد وزير الخارجية بروفيسور “غندور” كيف تخرج قوات اليوناميد من دارفور وهي تُمدَّد في مساحات جديدة بدارفور؟.

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية