ولنا رأي

ما بين العام الهجري والميلادي

عام هجري جديد حلا علينا وهو العام 1439 هجرية، وعلى الرغم من أنه من أعظم الأعوام لدى المسلمين التي تجلت فيه روح الإسلام والمسلمين، وكيف حفظ الله هذا الدين وحفظ نبيه من مشركي قريش، وكانت الهجرة العظيمة من مكة إلى المدينة، وهذه الهجرة ينبغي أن نأخذ منها الدروس والعبر، ولكن المسلمين مازالوا بعيدين عن هذا الدين، وقلة منهم يتذكرها إما بالإجازات أو ما تتذكره الفضائيات من تاريخ لها، ولكن عدا ذلك فالمسلمون مشغولون بالقتل والحرب والإبادة لبعضهم البعض، فكم من دولة مسلمة تآمرت على جارتها وتعدت على مقدساتها، وكم من مسلم فقد روحه بسبب عدم الفهم الجيد للدين، ولذلك نجد المسلمين يبيدون أخوانهم، وحتى النصرة لا أحد يقوم بها، فكم من دولة مسلمة محتاجة إلى المساندة والمساعدة، ولكن لا أحد خوفاً من الغرب ومن المستعمر في المنطقة، فالمسلمون كانوا قوة عندما كانوا متحدين، ولكن بعد أن تفرقوا ضعف المسلمون وضعفت دولهم الدول، الآن كل دولة تقاتل لوحدها وقد شهدنا الأيام الماضية كيف تعرض المسلمون في الروهينقا وكيف بدأت عمليات القتل ولم يجدوا النصرة إلا من قلة من المسلمين، ولذلك تمر ذكرى العام الهجري ولا أحد يتذكرها ولا يتذكر أحد كيف عانى المسلمون الأوائل وكيف وصل إلينا هذا الدين، أما العام الميلادي فالكل يتذكره بالتفاصيل لأن فيه اللهو واللعب وربما الاحتفالات التي تقام في نهاية العام قد حجز لها قبل ثلاثة أشهر ولن تجد فنانا أو صالة أفراح خالية من اليوم وحتى نهاية السنة الميلادية، فالكل ربط نفسه بنهاية العام بل هناك من جهز نفسه لقضاء تلك الليلة في البلاد الأوربية أو التي يسمح فيها بالمجون واللهو، فالأموال التي تنفق في تلك الليلة، يمكن أن تكفي آلاف من الجوعى واليتامى والمساكين في بلاد المسلمين المختلفة، ولكن هذه الفئة لا تقدمها قربانا لله بل تقدمها في الفسوق والمجون.. فكم من جائع وكم من محروم، وكم من مسكين أو مريض في حاجة إلى المساعدة فلا يجدها، ولكن تلك الأموال تنفق على أماكن الرقص واللهو، فالفرق بين العامين كبير جدا على الرغم من أن الأول هو الذي جعل للبشرية المسلمة مكانة وسط بقية الأمم الأخرى، عندما كان الإسلام والمسلمون قوة ضاربة في الأرض، كان العلماء منهم وكان أشهر الأطباء منهم وأشهر علماء الفلك منهم وكل العلوم الحديثة كان روادها من المسلمين، ولكن تراجع العلم لدى المسلمين وما عادوا كسابق عهدهم، ولذلك نجدهم الآن ضعفاء ذليلين راكعين تحت أقدام الغرب، يأتمرون بأمرهم وينفذون أوامرهم ولو على حساب شعوبهم وسيادتهم.. فكم من دولة مسلمة الآن واقعة تحت أحضان الغرب لا تجرؤ أن تفعل شيئا إلا بعد الرجوع إليها أو أخذ الإذن منها، وهذا هو الذي جعل المسلمين في حالة ضعف بعد أن كانوا في موقع القوة، بل المسلمون الآن تقسموا إلى قبائل وفرق، فهذا سني وهذا شيعي مما جعلهم هدفا للمستعمر الغربي فوجد ضالته فيهم بسبب هذا الخلاف والصراع، فالمسلمون الآن يحاربون بعضهم البعض ويقتلون بعضهم البعض، ويا ليت كان القتال ضد القوة الجبارة حتى يستعيد المسلمون مكانتهم الأولى بدلا من هذا التمزق والشتات.

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية