فالحين في صنع الشعارات!!
طرحت الإنقاذ عندما جاءت، عدداً من الشعارات القوية التي تعبر عن السيادة الوطنية مثل “نأكل مما نزرع ونلبس مما نصنع”، ورغم قوتها إلا أنها ذهبت مع الريح، فلم نستطع أن نكفي البلاد والعباد مما نزرعه أياً كان نوع تلك الزراعة خضروات (طماطم عجور)، أو فواكه أو غير ذلك من الشعارات التي طرحت لتحقيقها، أما الملبس الذي كان في وقت من الأوقات فعلاً لباس أهل السودان الدمور والدبلان، فلم يعد العصر يقبل تلك الصناعة على الرغم من أنها كانت لباس معظم الناس، فالإنقاذ ربما جاءت لتحيي هذه السنة في ظل الحصار المفروض عليها، ولكن الدولة انشغلت بالعمل السياسي ومحاولة تصدير أفكارها إلى الخارج، مما أكسبها عداء الغرب وأمريكا وحتى دول الجوار العربي والأفريقي، فأصبحت الشعارات بدون فائدة، ولم نستطع تحقيق واحدٍ منها، بل زادت معاناة الناس يوماً بعد يوم، فالزراعة أصبحت عصية، والمزارعون أصبحوا مطاردين من قبل البنوك لعدم الالتزام أو الإيفاء بالشروط التي وضعها البنك وتسديد ما عليهم من ديون، فالخضار الذي كان من المفترض أن نكتفي منه، أصبح عسيراً على الضعفاء، واللحوم أصبحت إلا في المناسبات والأعياد، بعد أن كان المواطن السوداني لا يأكل طعاماً وإلا معه اللحوم، فانهزمت الشعارات التي رفعت.
الآن جاء الأستاذ “محمد حاتم سليمان” نائب والي ولاية الخرطوم، بشعارات لا تقل عن الشعارات التي رفعت في بداية الثورة، فرفع ثلاثة شعارات ممثلة في (زيرو عطش وزيرو كوش وزيرو حفر)، وحدد للقضاء عليها خلال مائة يوم، لقد رافقنا السيد نائب الوالي في زيارة لعدد من المناطق بالولاية، وقف خلالها مع الفريق “أحمد علي أبو شنب” معتمد الخرطوم، وعلى الرغم من الأعمال التي وقفنا عليها من مدارس ومراكز صحية تم تنفيذها في صمت من قبل السيد المعتمد، ولكن في ظني أن الفترة التي حددها الأستاذ “محمد حاتم” من الصعب تحقيقها في موعدها، والأسباب معلومة، وهي أن الولاية لم تعد الولاية التي كان يقطنها مليون أو أقل من ذلك.. فالولاية الآن عدد سكانها تجاوز العشرة ملايين نسمة، وهؤلاء جاءوا من الولايات بثقافاتهم المختلفة، فالحياة في المدينة تختلف عن الحياة في الريف، فالحفر التي قال الأستاذ “سليمان” سوف تنتهي في مائة يوم، لن تتحقق، فالآن هناك مناطق ارتفع عدد الحفر فيها بسبب دلق المياه على الأسفلت، إضافة إلى أن مناطق فتحت مجاري من منازلها على الشارع، وهذا أيضاً زاد من عدد الحفر، بجانب عدم وجود مصارف للمياه بصورة تمنع توفر تلك الحفر، ففي طريق واحد حسبت عدد الحفر فيه ووجدتها تساوي المائة يوم التي حددها نائب الوالي.. أما الكوش فقد تلوثت المدينة بالنفايات التي تتبعثر هنا وهناك بسبب عربات نقل النفايات نفسها، وبسبب أمية العاملين في نقلها، فالعامل همه الأول والأخير كيف يحصل من تلك النفايات على ما يريد من بلاستيك أو قارورة مياه فارغة أو أي شيء يمكن الاستفادة منه، فلا يهمه إن وصلت كل النفايات التي تم نقلها إلى المكب أو لم تصل، ولذلك الحل في تسريح كل العمالة التي تعمل في نقل النفايات أو إلزام مراقب يمنع أي عامل يبعثرها قبل أن تصل إلى المكب.. أما زيرو عطش، فالمشكلة وإن كانت الأقرب للحل، ولكن تحتاج إلى تكثيف الجهود.
فيا سعادة نائب الوالي مائة يوم لن تكفي لتحقيق شعار الثلاثة زيروهات، بس عاوزة ليها جكة.