من الصعب وحدة الإسلاميين!!
أحدث الدكتور “علي الحاج” الفترة الماضية نوعاً من الحراك السياسي، وقدم مبادرة باسم المؤتمر الشعبي من أجل السلام بالبلاد، وعقد لقاءات مع أحزاب: الأمة القومي والشيوعي والبعث، ولكن لم تظهر نتائجها رغم الترحيب الحار بها من قبل تلك الأحزاب، والآن يطرح مبادرة لجمع صف الإسلاميين من جديد بعد الفرقة والشتات الذي أصابهم والانقسامات التي حدثت، فالمبادرة التي يطرحها الشعبي أو الدكتور “علي الحاج” في ظل الظروف الحالية من الصعب وحدتهم، فالإسلاميون ما عادوا إسلاميي الماضي الذين تجمعهم الفكرة، ولكن الآن أصبح الإسلاميون ينظرون إلى مقاعد السُلطة والمال، فتغير الناس عن الماضي عندما كان الطهر والنقاء بينهم، ولكن الآن الأخ أصبح ينظر إلى كيف يحظى بالرضا والقبول من القيادة العليا حتى الضرب تحت الحزام ما كان الإسلاميون يعرفونه، الآن كل شخص يقول يا نفسي، وبإمكان أي شخص أن يصل إلى هدفه ومرماه ولو على حساب أخوه، فالإسلاميون في الماضي كانوا يداً واحدة يقدمون المساعدات إلى بعضهم البعض، ولكن بعد السُلطة اختلف الوضع تماماً، فالآن هناك من الإسلاميين من يملك الأموال الطائلة والعمارات الشاهقة، والسُلطة أفسدت البعض منهم، فما عاد الإسلامي الذي يجلس في المسجد يتلو القرآن ويأكل الفول ويشرب الشاي والجيب واحد، فالصورة الآن اختلفت تماماً، وما عاد إسلاميو الأمس كإسلاميي اليوم، فالبعض منهم الآن يعيش على الكفاف، ولا أظن الروابط القديمة مازالت موجودة، اذكر أحد قدامى الإسلاميين الذي كان يصول ويجول في جامعة الخرطوم، وضحى بكل ما يملك، فعندما تعرض للإصابة بفشل كلوي، لم يجد من يقف إلى جنبه، فتعجبت للذين كانوا معه بالأمس وهم لا يملكون شيئاً، والآن يملكون كل شيء، وبعد اتصالات مع آخرين تقدم البعض منهم لا ادري هل خجلوا من أنفسهم أم أن ضميرهم صحى أخيراً، لذا لا اعتقد أن الوحدة بينهم سوف تنجح ما لم تزُل الأسباب التي فرقت بينهم.. فحياة السُلطة والمال تختلف عن حياة الغبش التي كانوا عليها في الماضي.. الإسلاميون كانوا يمنون النفس أن يحكموا، وظلوا طوال الفترة الماضية يعملون من أجل الوصول إلى كراسي السُلطة، واتضح ذلك خلال الديمقراطية الثالثة التي انتقلوا فيها وأصبحوا يشكلون منافسة قوية على الأحزاب التقليدية ونالوا تقريباً كل دوائر الخريجين واحتلوا المركز الثالث عن جدارة، وهذا المركز جعلهم في حالة نشوة وزهو، ومن ثم بدأ التخطيط لكيفية الحُكم، ولكن فترة الثلاث سنوات لم تكن كافية لهم، وفي ظني أنهم استعجلوا الحُكم إمكن لو استمروا فترة أكبر كان بالإمكان أن ينجحوا أكثر، ولكن الاستعجال هو الذي جعل الخلافات تترى بعد الحُكم، وإذا نظرنا إلى الإسلاميين بعد الحُكم بدأت الصراعات والسبب الأساسي فيها مقاعد السُلطة فالبعض يعتقد أنهم أحق بالكرسي الذي جلس عليه أخوه والكل يعتقد أن الحكومة حقته ومن حقه أن ينال من السُلطة ما ناله الآخرون، وربما البعض لا يعترف بالآخرين، وهذه من سلبيات السُلطة التي كان ربما سبباً في الخلافات الصغيرة والتي من بعد أصبحت خلافاً كبيراً وقد لاحظنا حتى الذين أشركوا في السُلطة، عندما يستغنى عنهم أو يتم استبدالهم لا يرضون بذلك، ومن هنا بدأ الصراع الذي قسم الجماعة إلى وطني وشعبي، فحلاوة السُلطة هي السبب الأساسي في هذه الفرقة ومن ذاقها فلن يستغني عنها، ولذلك من الصعب ثانياً أن يلتئم الجرح، فكل طرف أصبح في معسكر عن الآخر، فالوحدة لن تعود كما كانت في السابق، ولكن تعود العلاقات الاجتماعية بين الناس فقط.