الخلافات تعصف بالمبادرات !!
ما أن انتهى المؤتمر الشعبي من طرح مبادرته لوقف الحرب وتحقيق السلام بالجلوس مع المعارضة، الشيوعي والبعث والأمة، ومن ثم جلس مع رئيس الجمهورية، إذا بأحد الأعضاء البارزين في المؤتمر الشعبي يدفع باستقالته ربما محتجاً على هذا التقارب مع المعارضة والحكومة. إن الشيخ الراحل “حسن الترابي” قبل رحيله بدأ في التقارب مع كل القوى السياسية من أجل تحقيق الأمن والاستقرار لبلادنا، وما يقوم به الدكتور “علي الحاج” الأمين العام للمؤتمر الشعبي هو امتداد لما بدأ به الشيخ “الترابي”، فما الذي يضير الدكتور “أحمد الترابي” من الذي قام به الدكتور “علي الحاج” هل ما قام به نسيج نفسه أو قام بمشاورة الآخرين داخل الحزب..فالمؤتمر الشعبي الآن شارك في حكومة الوفاق الوطني رغم الخلاف الذي عاشه الطرفان منذ العام 1999م، إبان المفاصلة الشهيرة، فما الذي تغيَّر منذ ذاك التاريخ، ما الذي فعله الشعبي؟ هل استطاع أن يغيِّر الحكومة ؟ هل هو وكل المعارضين والحركات المسلحة استطاعوا أن يغيِّروا وجه السودان طوال تلك الفترة؟، لقد كانت كلها جعجعة في الفاضي نريد أن نغيِّر النظام، نريد أن نغيَّر النظام، بالعكس لقد تراجع الوضع وقاسى الناس بسبب الخلافات والصراعات بين كل المعارضين من أجل السلطة، وإذا كان المعارضين لم يستطيعوا أن يحلوا المشاكل الأمنية والاقتصادية طوال السنوات الماضية فعليهم أن يمدوا أيديهم إلى بعض عسى ولعل الحل يكون في الإجماع بدلاً من التفرُّق وما قام به الدكتور “علي الحاج” من خلال تلك المبادرة فيها مصلحة الوطن وليس مصلحة الشعبي، فالدكتور “أحمد الترابي” أن لم يعجبه ما قام به حزبه أو أمينه العام يجب أن يلزم الصمت أو بإمكانه أن يناقش الموضوع بتروٍ أو موضوعية، لأننا شبعنا من الخلافات والانقسامات وسط أحزابنا السياسية التي نعوِّل عليها كثيراً في حل المشاكل، وإذا كان الدكتور “أحمد الترابي”، دفع باستقالته للحزب، فهذا يعني أن هناك انقساماً جديداً وسط الشعبين قادم، وإذا حدث الانقسام فالمشكلة لن تحل، وسنظل في تلك الدوامة انقسام فانقسام بعد أن كانت البلاد تواجه بانقلاب – ديمقراطية – انقلاب، فعلى الدكتور “الترابي”، أن يراجع نفسه من أجل المصلحة العامة وليست الخاصة..طالما كل الأحزاب وقفوا مع مبادرتكم وهذا سيحسب لكم، وليس عليكم والتاريخ لن يرحم فلماذا الصراع؟، وقد بلغتم من العمر ما فيه الكفاية، اتركوا الأجيال القادمة تذكركم بالخير بدلاً من اللعنات كما هو الآن، يلعنون في الأحزاب السياسية وما فعلته في الشعب والوطن..يا دكتور فما هو مطروح الآن فيه خير للأمة فلا تكون من يفسد هذا العمل الكبير والذي لم يُصدِّق أحد أن الحزب الشيوعي وحزب البعث وخلافاتهما مع الإسلاميين رضيا أن يجلسا معكم ويتفاكرا في أمر البلد، فإن كنت مصر على الاستقالة فهذا شأن يخصك أو يخص موقعك داخل الشعبي فأعمل على المعالجة بالتروي، وأن كانت الاستقالة بهذا التقارب مع المعارضة أو مع الحكومة فلابد أن تستخدم الحكمة وإلا تسبح عكس التيار، فالجميع الآن مع تحقيق الأمن والاستقرار، وحتى الحركات المسلحة ومعظم الذين لديهم خلافات، أن كانت شخصية أو عامة، رضوا بالواقع وجلسوا للوصول لحل لمشاكل البلاد..فلا تكون نشازاً بعد أن لبَّنت، كما يقول أهلنا ونديها الطير بعد ده.