حوارات

الدكتورة "رجاء حسن خليفة" البرلمانية والقيادية بالمؤتمر الوطني والحركة الإسلامية لـ(المجهر)

أكبر ظالم للإنقاذ المعارضة غير المسؤولة
الإنقاذ تجربة حكم رشيدة تحولت من عسكرية شمولية إلى ديمقراطية
الحكومة رفضت التوقيع على (سيداو) بسبب رغبة نساء السودان
كرة القدم النسائية محتاجة لضوابط وأشجع المشي والسباحة
قانون النظام العام لا ظالم ولا عادل ويحتاج إلى تعديل وليس إلغاء
الدكتورة “رجاء حسن خليفة” لا تتغير معنا، دوماً تبتسم أمام أسئلتنا الصعبة وترد ببسالة ربما للقارئ حكم آخر عليها، ظلت تدافع عن الإنقاذ بلا تردد، وهي تؤكد لمن يتهمها بأن المناصب زائلة والتجربة باقية والمبادئ ماضية.. وتمثل “رجاء” جسارة الإسلاميين القديمة مهما ساءت الظروف واعتورت الطرق وزادت الابتلاءات.. فإلى فحص كل إفاداتها وإعادة إنتاجها كما ينبغي أن يفعل القارئ وفقاً لمنظوره ومعلوماته..في الحوار التالي معها ، تطرقت للعديد من القضايا  التي لم تقتصر على قضايا المرأة ، من سيداو الى كرة القدم ، وانما تعدتها لمجمل القضايا  الوطنية ، ولمسيرة الانقاذ خلال 28 وعاما من الحكم ، والتي ترى فيها تجربة سياسية يؤخذ منها الكثير من الدروس والعبر ، مع انها اصبحت في عامها الثامن والعشرين اكثر نضجاً ورشداً واستقراراً وسعة في المشاركة ، على حد تعبيرها…
فيما يلي نص الحوار:-
حاوار – صديق دلاى
{ كيف تنظرين لتجربة الإنقاذ حالياً وهي في عامها الـ(28)؟
– الإنقاذ تجربة حكم رشيدة عند قدومها استبشر بها الشعب السوداني والتف حولها.
{ زمان؟
– ما زالت، ووجدت في طرحها حلاً لواقع سياسي كان مأزوماً فقدمت رؤى مثلت وعبر الشورى من خلال سلسلة مؤتمرات  التشخيص للواقع والتخطيط للمستقبل التي سميت يومذاك (مؤتمرات الحوار حول قضايا.. السلام، النظام السياسي والتعليم…الخ).
{ كانت تمثل رؤية نخبة؟
– بل شارك فيها السواد الأعظم من أبناء السودان، ومع تطور التجربة وسط تحديات كبرى داخلية وخارجية حالف الإنقاذ بفضل الله تعالى الكثير من التوفيق والرشد والاستقرار في الوطن.
{ التوفيق والرشد والاستقرار؟
– نعم، وبما أنها تجربة بشرية لعمل سياسي فيه الكثير من التعقيدات والفتن المرتبطة بالشأن السياسي، اعتورت المسيرة بعض من السلبيات في الممارسة والتطبيق وتعرضت لابتلاءات لأسباب معلومة.
{ الصورة عندك نظيفة؟
– بل على الإجمال هي تجربة سياسية يؤخذ منها الكثير من الدروس والعبر وهي في (28) عاماً أكثر نضجاً ورشداً واستقراراً وسعة في المشاركة.
{ أين العلة والبعض يصفها بأنها تعيش آخر أيامها؟
– والله هذا السؤال يُسأل عنه من ادعاه!! والحديث عن آخر الأيام للحكم أمنيات لبعض الخصوم وفي النهاية الأمر كله بيد الله، يؤته من يشاء وينزعه ممن يشاء.
{ كيف تبدو المقارنة بين الإسلاميين أيام الجبهة والإسلاميين على عهد الإنقاذ؟
–  ليست هناك مقارنة بين حركة سياسية هي أقرب لمجموعة الضغط وبين حركة سياسية حاكمة ومسؤولة عن شؤون الوطن، ولكن المنطلقات الفكرية والوطنية لا خلاف حولها.
{ الإسلاميون في زمن الإنقاذ؟
–  مع الإنقاذ كان التطبيق العملي هو سيد الموقف.. وعموماً تجربة الجبهة كانت متكاملة وناضجة وثاقبة ونجحت بمعطيات واقعها آنذاك وأعطت الإنقاذيين رصيد تجربة أعانتهم مع بقية القوى الوطنية التي تناصرت معهم في إدارة شأن الوطن.
{ ما هي أكبر خسارات الإنقاذ ومن الذي ظلمها؟
– ليست هناك خسارات بهذا التجسيد، ربما هناك فجوات وبعض المطبات خلال مسيرة التجربة وهي اقتربت من إكمال عقدها الثالث، ففجوات استدامة السلام رغم الجهود والمساعي لكن يظل هناك من أبناء السودان من يقتل ويدمر ويتآمر ومن الفجوات…
{ خليك صريحة شوية؟
– تواضع أداء بعض منسوبيها (محقة) البعض الآخر، وفتن السلطة للبعض، لكن تظل هذه الفجوات في مواقع محدودة، والصورة الكاملة تحتشد بالكثير من الإشراقات وهذا هو الأغلب.
{ من الذي ظلم الإنقاذ؟
– أكبر ظالم لتجربة الإنقاذ السياسية، المعارضة غير المسؤولة التي تنطلق من منطلقات غير وطنية وكل همها هو تضخيم الصغير وبث الشائعات وتشويه الرموز، وهو سلوك لا يشبه السودانيين خاصة الذين يسميهم الأخ “الهندي عز الدين” أبطال (الكيبورد)، وظلم الإنقاذ بعض أبنائها الذين أصيبوا بداء العقوق بمجرد مغادرة المنصب وهذا لا يجوز.
{ قلت أكبر ظالم المعارضة غير المسؤولة؟
– والظالم الأكبر، قصد السودان وليس الإنقاذ، القوى الخارجية التي تتآمر على الشعب السوداني فتغذي وتمول التمرد وتذكي نيران الفتن القبلية.. وتعد ولا تفي بالوعد.
{ إنجازات الإنقاذ التاريخية؟
– هذا سجل حافل بالكثير والأهم والأبرز هو المحافظة على استقرار وطن في حجم قارة والمساعي الحثيثة والحادثة للتنمية السياسية، واتساع المشاركة والسعي لاتخاذ الحوار بديلاً للعنف وإنزال تجربة الحكم الاتحادي وبسط وانتشار التعليم العالي والتوسع في التعليم العام والبنى التحية وغيرها.. والإعلام المحلي، خاصة الصحافة، قامت بادوار يكتبها لها التاريخ فأسدت النصح للحاكم ووقفت بجانب المواطن وبشرت بمنجزات الوطن، ولكن آلة الإعلام الخارجية لم يستطع السودان الولوج إليها، وهذه تحكمها عوامل معقدة منها المواقف والخلفيات السياسية كما يلعب المال دوراً ليس بالقليل، وعوامل أخرى.
{ تكوين اتحاد المرأة في ظل نظام شمولي فيه ظلم للمرأة السودانية وينقص من قومية الاتحاد الحالي؟
– أولاً بناء الاتحاد في 1990 سبقه أكبر مؤتمر نسوي فاقت عضويته الآلاف من كل الطيف السياسي فاختارت النساء اسم التنظيم واشترطت على السلطة ديمقراطية انتخاب أجهزته وبنائه من القواعد من كل السودان وانتخاب قيادته فأين الشمولية؟؟ وعن أي ظلم تتحدث؟؟ وعن أي نقص للقومية تحكي؟؟ أنا أحيلكم والقارئ الكريم للدراسة العلمية الأكاديمية المحكمة التي نشرتها في إصدارتي (الحركة النسائية المعاصرة ودورها التربوي- الاتحاد العام للمرأة أنموذجاً)، ففيها إجابات لكل ذلك.
{ الرئيس “البشير” من قريب(كنت مستشارة هناك)؟
– الأخ الرئيس “البشير” سوداني بسيط ود بلد من عامة هذا الشعب تربى في ترابه، متواضع واجتماعي، ويتجلى ذلك في حرصه الشديد رغم- المشاغل- على مواساة من حوله مرضاً أو وفاة ويشاركهم أفراحهم، صاحب طرفه، بار بأهله، ولعل هذه الصفات يعرفها الشعب السوداني وليس بالضرورة من عملوا معه وزراء أو مستشارين.
{ وبعيداً عن الكاميرات؟
– عادي جداً وود بلد أصيل.
{  متى يتحدث الإسلاميون بصراحة عن عدم رغبتهم في نظام ديمقراطي؟
– لا أعتقد أنه سيحدث، لأن الإسلاميين جبلوا على الممارسة الديمقراطية وإن شئت الشورية ويخضر عود تجربتهم في أجواء المنافسة والتداول، فلماذا تفترض أنهم يريدون أن يتحدثوا عن ذلك ولكن الأوان لم يأت!!
{ بسبب السياسة والحكم صارت الحركة الإسلامية مرمى لنيران من كل الجهات كونها المسؤولة عن كل ما يحدث.. فما رأيكم؟
– السياسة والحكم دوماً يعرضان كل التيارات لمرمى النيران لطبيعة الشأن السياسي وتقلبات الحكم وتعقيدات ساحته، لكن في السودان كحركة إسلامية نمارس السياسة من خلال الحزب الذي ننتمي إليه (المؤتمر الوطني).
{ لو وضعوا تفويضاً مفتوحاً أمامك بخصوص التوقيع على (سيداو).. أو عدم التوقيع.. بعيداً عن المواقف القديمة لحكومة السودان (ماذا تفعلين)؟
– (لن أوقع عليها).
{ بتوضيحات طبعاً؟
– ما أود توضيحه أن حكومة السودان بنت موقفها بناء على الاستجابة لرغبة وإرادة نساء السودان اللائي بنين موقفهن على تقديرات موضوعية، وهناك مبادرة طرحتها الوزارة المختصة برعاية العمل النسوي (الضمان والتنمية الاجتماعية) وهي وثيقة حقوق المرأة وهي أكثر شمولاً من (سيداو) وتناسب خلفية نساء السودان.
{ سيتم عزل المرأة السودانية عن المحيط الدولي وتلك خسارة لو حدث؟
– أعتقد عدم التوقيع لا يقدح في وجودنا وتأثرنا وتأثيرنا في الآليات الدولية والإقليمية وهناك دول كبرى كأمريكا لم توقع على (سيداو) فلماذا يستغرب موقف السودان، خاصة وأن الدستور والقانون مكن المرأة السودانية سياسياً بنسبة فاقت التي نادت بها (سيداو).
{ كيف تقرأين التحولات الكبرى في حياة الإنقاذ.. سجن “الترابي” المبكر والمفاصلة وإعلان الجمهورية الثانية ثم إعلان الحوار الوطني 2014؟
– كلها أحداث كبرى وتحولات، جزء منها ارتبط بالحراك في الساحة السياسية والحوار الوطني يمثل جماع وزبدة تجربة السودان في الخروج بكلمة سواء من أجل استقرار السودان، والشاهد على اتساع المشاركة فيه وشمول مخرجاته وجدية الحكومة في إنفاذها.
{ وإعلان الجمهورية الثانية؟
– الجمهورية الثانية كانت رؤية لرسم مستقبل فيه نظرة أمل وتفاؤل بعد اتفاقية السلام الشامل وحتى بعد انفصال الجنوب.
{ هل التحول الديمقراطي من الحالة الشمولية ممكن ومنظور؟
– وقد حدث بالفعل، والإنقاذ منذ شهورها الأولى طرحت مؤتمرات الحوار ودعت لمشاركة وانتقلت بسرعة من شمولية النظام العسكري  إلى نظام ديمقراطي شوري، وتدرجت في الأمر حتى بلغ الأمر تمامه فهو ليس ممكناً ومنظوراً إنما حادث وممارس بالفعل، وما تشكيلة حكومة الوفاق الوطني وقبلها انتخابات 2015 ونتائجها إلا تعبير عن هذا التحول.
{ (مثلاً) هل المؤتمر الوطني والحركة مستعدان نفسياً لدعوة فرقة (عقد الجلاد) لإحياء حفل ساهر؟
– (عقد الجلاد) فرقة سودانية ممتازة في أدائها الفني الرزين وما علاقة الحركة والاستعداد النفسي بالفرقة.. الفرقة تؤدي عملها الفني وسط جمهورها والحفلات الغنائية بـ(عقد الجلاد) أو سواها ليس من اهتمامات الحركة الإسلامية.
{ عادي يعني وممكن وطبيعي؟
– وما الذي يمنع الحركة الإسلامية من الموافقة على ذلك إذا قدمت الفرقة عملاً رفيعاً من شعر رصين يمجد القيم والوطن ويروح عن القلوب ويرفع الهمة.
{ الكل يعطي نسخة الإنقاذ الحالية اللون الأصفر.. لون المرض والهزال بسبب الغلاء والمشاكل السياسية والحروب والأزمات في الهوية والثقافة والوحدة الوطنية؟
– أرجو أن تكونوا أخوتي في الصحافة دقيقين في أسئلتكم وافتراضاتكم من أين أتيت بهذا الادعاء وكيف تصف (بالكل)  أعتقد أن الكل يعتقد أن الإنقاذ بلغت سن الرشد السياسي والنضج في الممارسة، وهي ما زالت فتية ولم يصبها مرض أو هزال كما وصفت، ولكن تعاظمت عليها التحديات الخارجية والحروب الداخلية التي تغذيها بعض الجهات، وبقية التحديات كل العالم يعاني منها ولسنا في السودان بمعزل من العالم.
{ ما اللون المناسب عندك لتوصيف النسخة الحالية للإنقاذ؟
– اللون المناسب هو الأخضر، رمز النماء والنهضة والمستقبل المشرق.
{ كيف تدعمين فريق كرة القدم النسائي في كل حارة وقرية ومدينة؟
– أدعم وأشجع الرياضة الصحية ورياضة المشي والسباحة وكرة السلة.
{ وكرة القدم النسائية؟
– كرة القدم تحتاج لضوابط تراعي القيم السودانية من حيث الاحتشام وإيجاد صالة مغلقة ومخصصة للنساء.. أما في كل حي وفريق فرياضة المشي هي التي أشجعها.
{ (هناك ادعاء واسع) أن المؤتمر الوطني هو المسؤول عن إدخال القبلية ضمن الموازنات السياسية (ما رأيكم)؟
– هذا ادعاء جديد وخطير، والحقيقة أن المؤتمر الوطني اجتهد في تمتين النسيج القومي وتكوينه نفسه يؤكد ذلك، والسعي لتحقيق العدالة في المشاركة السياسية واستيعاب الأطراف هدفه النبيل.
{ مقبول أن يقال إنها ممارسات محدودة وفردية؟
– نعم (كون) البعض استغل هذه الخطوة فهذا شأنه، أما حزبنا فهو حزب لكل أهل السودان ولا من رؤيتهم جميعاً في تمثيله التنفيذي والبرلماني.
{ كيف تقرأين قراراً جمهورياً بإلغاء نتائج الانتخابات الداخلية في الحزب الحاكم أثناء مرحلة اختيار ترشيح الوالي؟
– هذا قرار أملته ضرورة وجلب مصلحة ودرء مفسدة ساعتئذ، والكل أيده وهذا لا يمنع من العودة للانتخاب، والاستفادة من التجربة وعمل الضوابط اللازمة. والجدير بالذكر أن النتائج لم تلغ تماماً بل تمت الاستفادة من الأسماء التي رُشحت ودُفع بها للمشاركة في ولايات أخرى.
{ تجربة واعظة؟
– أعتقد أنها تجربة في ذاتها تمرين ديمقراطي شوري داخلي، وأنا كنت رئيساً للجنة انتخابات في غرب دارفور وفيها كثير من الدروس المستفادة.
{ موقفك العام من قضايا الجندر؟
– قضايا الجندر نتعامل معها وفق رؤانا وقيمنا، فنتحدث عن تمكين للمرأة وعدالة في مشاركتها في الحياة العامة وإنصاف لها من الظلم، ونتحدث بمفهوم الجندر برؤية سودانية.. إننا في شراكة خيرة مع الرجال لنؤدي واجباتنا وأدوارنا في تعاون وتكامل، فلسنا في  حرب معهم كما يصور البعض، هذه هي الجندرة التي نفهمها.
{ وقانون النظام العام أليس فيه اضطهاد للمرأة أم به (عدالة ما)؟
– ولا هذا ولا ذاك، هو تشريع لبى حاجة المجتمع في بعض الجوانب، ففيه الكثير من الإيجابيات وكثير من السلبيات التي شابت التطبيق.. هو بحاجة للمراجعة والتجويد وليس الإلغاء كما ينادي البعض، فهو لا ظالم ولا عادل جداً، لكنه تشريع عادي يحتاج للمراجعة وتجنب سلبيات التطبيق.

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية