الأمن بالبلاد
لفت نظري في التقرير الذي قدَّمه مدير شرطة ولاية الخرطوم وما نقلته الصحف أمس، أنها بالإمكان جمع كل المشرَّدين والمتسوِّلين والمعتوهين بالولاية خلال اثنين وسبعين ساعة، فالحديث طيِّب، ولكن إذا كانت إدارة الشرطة بإمكانها أن تجعل الخرطوم خالية من التسوُّل والتشرُّد والمعتوهين، فلماذا تاركة الأمر هكذا؟، فصورة الخرطوم كعاصمة مشوَّهة ولا تشبه عواصم العالم الخالية من هذه المظاهر السالبة خاصة التسوُّل الذي نراه في كل الأماكن، نحن نعلم وإدارة الشرطة تعلم تماماً أن معظم المتسوِّلين بولاية الخرطوم ليسوا بسودانيين، ولكن نسأل تلك الجهات كيف دخل هؤلاء البلاد؟، وكيف سمح لهم بالتسوُّل على مرأى ومسمع الأجهزة الأمنية وحتى الوزراء والمسؤولين يمرون يومياً وهؤلاء المتسوِّلين يطاردون سياراتهم بغية الحصول على جنيه؟، ورغم المنظر السالب لا أحد تدخَّل أو اتصل بسفارات تلك الدول لترحيل رعاياها الذين أساءوا لها بتلك الصورة المشينة ..إن حديث المسؤولين في الشرطة عن الوضع الأمني بالبلاد خاصة الظواهر السالبة التي حواها التقرير عن صناعة الخمور البلدية والجهات التي تقف وراء هؤلاء أو تجارة المخدِّرات التي انتشرت بصورة كبيرة ..لا نقول الوضع الأمني بالولاية سيئ للدرجة المخيفة، ولكن بإمكان الجهات الأمنية والشرطية أن تجعل من الخرطوم مدينة فاضلة إذا ما طبقت القوانين الرادعة على أولئك المنفلتين أو الدخلاء على الولاية وحاولوا أن يشوِّهوا صورتها بكل ما هو قبيح وسيئ، وإذا لم تكن هناك قوانين رادعة فإن الجريمة لن تنتهي طالما العقاب غير موجود أو لم يكن بالمستوى الرادع، فالولاية شهدت الأيام الماضية حالة من الهلع والخوف الذي سيَّطر على معظم البيوت السودانية بسبب عمليات الخطف التي روَّجت لها جهات لها مصلحة في أن تظل الولاية في حالة لا أمن، ولكن التقرير الذي قُدِّم أثبت أن معظم الحالات التي قيل إنها حالات خطف لم تكن بالصورة التي راجت في المدينة، بل إنها حالات تمرُّد من الأسرة أو حالة غضب دفعت الشخص أن يهرب أو يختفي بصورة ما..وولاية الخرطوم لم تكن ولاية مثلها ومثل بقية الولايات ولكنها أصبحت سودان مصغَّر لا يمكن السيطرة عليه في ظل النزوح والهجرة المنظمَّة أو غيرها من دول الجوار. إن الأجهزة الشرطية بإمكانها أن توقف من تلك الهجرة إلى داخل الولاية بالقانون وكل من تم ضبطه وهو لا يحمل أوراقاً ثبوتية أو دخل بطريقة غير شرعية يمكن محاكمته فوراً، فإما أن يعاد إلى البلد الذي أتى منه أو الاتصال بدولته أو أن تتكفل الدولة بترحيله، كما هو الحال بالنسبة للمخالفين في المملكة العربية السعودية الذين يتم ترحيلهم حال القبض عليهم أو محاسبة كل من تستَّر أو آوى شخصاً مخالفاً، فلماذا لا نطبِّق مثل هذا القانون لنضمن سلامة بلادنا من أي مظاهر سالبة يكون أبطالها أولئك المخالفين؟، فالانفلات الذي تشهد الولاية الآن بسبب التساهل أو التعامل الحضاري مع الأجانب، فلا يعقل أن يكون أحد أحياء ولاية الخرطوم تسيِّطر عليه جهات أجنبية، ولا أحد يستطيع أن يقدمهم إلى محاكمات عادلة بسبب الدخول غير الشرعي أو المخالفات أو العادات التي أدخلوها على المجتمع السوداني وأضرت به.