أهالي قرية "أم مويحكة" بأم درمان .. في العراء بأمر الجرافات
لم تشفع لسكانها شهادات البحث من الأراضي
مشاهد مأساوية نساء حوامل وشيوخ يفترشون الأرض ويتهددهم الخريف
تحقيق ـ آمال حسن
قرية “أم مويكحة” التي تقع في الريف الجنوبي لمحلية أم درمان على بعد (5) كم، من منطقة المويلح تم وضع خطتها في العام 2001م، بمساحة (180.55) فدان، لم تشفع لهم شهادات البحث من مصلحة الأراضي لمساحة (1485870.5) متر مربع، لأهالي المنطقة من ويلات الجرافات و(الكراكات)، التي حلت عليهم بسابق إنذار لم يتجاوز الـ(4) أيام، لتدك هذه الآليات المباني والمنازل التي يسكنها الشيوخ والنساء والأطفال في مشهد مأساوي لم يراع حرمة كل هؤلاء.
فالقرية التي يزيد عمرها عن الـ(60) يحيط بها من الناحية الشرقية مشروع حدوب الزراعي ومن الجنوب قرية قوز دحلوب والعيساوية غرب، حسب الكروكي المستخرج من وزارة التخطيط والبني التحتية ولاية الخرطوم، فإن صافي المساحة الكلية للقرية يساوي (1510) فدان.
ملكية حقيقية
رئيس اللجنة الشعبية “البحيري الدليل موسى” أشهر شهادة بحث ملكية عين للقرية صادرة من مكتب تسجيل أراضي أم درمان وسط، وفقاً لقانون تسوية الأراضي وتسجيلها لسنة 1925م، خالية من موانع التسجيل مستخرجة بتاريخ الثاني من مارس 2008م، بطلب من رئيس اللجنة الشعبية.
ولكن المفاجأة كانت قيام محلية أم درمان بإزالة حوالي (27) منزلاً، إزالة كاملة وترك أصحابها في العراء، بالرغم من أنهم يمتلكون المستندات كافة، والتي تؤكد ملكيتهم والمتابعات المستمرة مع اللجنة لتأجيل الإزالة واللجوء إلى القضاء.
مآسي على قارعة الطريق
(المجهر) زارت القرية ووقفت على ما تعرَّض له مواطني المنطقة من عمليات إزالة، والتي تمت يوم (الأربعاء) 19/7 الماضي، وما لحق بهم من أضرار بالغة .
ويقول رئيس اللجنة الشعبية “البحيري الدليل” لـ(المجهر)، إن ما حدث سلوك غير إنساني وقام به أشخاص مجرَّدون من الإنسانية، سيما بعد تعرُّض ثلاث نساء من القرية إلى رضوض وكسور بسبب عمل الكراكات على الهدم، بالرغم من وجودهن داخل البنايات، بالإضافة إلى فقدان العديد من المواشي من الأغنام والأبقار، واتهم “الدليل” معتمد أم درمان “مجدي عبد العزيز” بالتهرُّب من اللقاء بهم، وأضاف نذهب للقائه عن طريق خطوات مؤسسية بالتنسيق مع كافة الجهات العاملة في التنسيق، ليؤكد المنسِّقون أن المعتمد يعمل على توجيه أوامر الإزالة دون الرجوع إلى الرفع المساحي الذي يتم بالتنسيق مع اللجان الشعبية ومنسق لجنة القرية “الرفاعي” ومنسق عام محلية أم درمان، مشيراً إلى أن المحلية اعتدت عليهم برغم أنها تملك الحق في الإطلاع على مساحة الأراضي يوضِّح التداخل، وتساءل عن المعتدي في أمر إزالة قرية “أم مويكحة”، المحلية أم أنه، أي الاعتداء، تم عن طريق شخصيات أخرى، لافتاً إلى أن المعتدي الحقيقي وهو المحلية، التي نفت الحديث جملة وتفصيلاً، ولم تُعِر احتجاجات السكان اهتماماً. ذكر رئيس اللجنة الشعبية أن اتفاقاً بين المحلية والسكان تم يوم (الخميس)، على الاجتماع يوم (الأحد)، والاتصال بمنسق عام المحلية لوقف الإزالة في ظل عدم تقديم الرفع المساحي، وأشار إلى أن في يوم (الثلاثاء)، تم الاتصال عبر المنسق يخبرهم بأمر الإزالة الفورية، وعند الحديث معه عن الاتفاق بين المعتمد والمواطنين ولجنة المساحة المتعلقة بالتداخل بين القرية ومشروع مدَّعي الملكية، كشف رئيس اللجنة لهم عن غموض في القضية، وقام بالاتصال بالمعتمد الذي بدوره نفى إصدار توجيهات إزالة ووعدهم بالاتصال بوحدة حماية الأراضي وتوجيه بعدم الإزالة، وأن لا تنفذ إلا بحضور الأطراف المعنية كافة، وأكد أن مسؤول الوحدة أبدى التزامه بتوجيه المعتمد، وفي صباح (الثلاثاء) تفاجأوا بقدوم قوات كبيرة من الشرطة قدَّرت قواته بحوالي (500) فرد، بالرغم من الاتفاق المسبق بين الجهات الثلاث، وبدأوا في هدم المنازل بالرغم من خلال السكان في البيوت بحضور وكيل النيابة بالرغم من علمه بعدم قانونية الإجراءات، مشيراً إلى احتجاز المواطنين في منطقة واحدة، مبيِّناً أن السكان فقدوا كل ممتلكاتهم من ذهب ومبالغ مالية، وطالب السلطات بالتدخل لحل قضيتهم، وأعلن عن تخلي جميع السكان عن مساندة حزب المؤتمر الوطني بسبب ما وصفه بالظلم، مؤكداً أن المُدَّعي يمتلك شهادات بحث بتاريخ 30/3/2013م، بينما استخرج المواطنون شهادات في العام 2001م، وتأسست القرية في العام 1942م، في منطقة مجاورة وانتقلوا إلى الموقع الحالي في العام 1954م، ويفصل بين منطقة النزاع ومشروع الأمن الغذائي (كيلو كامل) قرية أنموذجية، مبيناً أن مشاريع الأمن الغذائي منذ العام 1991م، ولم تغرس فيها شجرة واحدة، وأكد تمسك أهالي القرية بالأراضي التي آلت إليهم بالوراثة من جدودهم، داعياً السلطات لاحترام حقوق المواطنين في التملك .
في مجلس تشريعي الخرطوم أثار النواب قضية إزالة القرية وطالبوا باستدعاء وزيرَيْ الزراعة والتخطيط العمراني بالخرطوم لمساءلتهما حول الحقوق التاريخية، لافتين إلى أن الوزراء لم يستجيبوا لتوجيهات الوالي بشأن هذه الحقوق، وطالبت رئيسة لجنة التعليم بالمجلس “انتصار كوكو”، بضرورة حسم ملف الأراضي السكنية، وفي الأثناء اعتبر النائب “عجيب الهادي “ما حدث للقرية “مأساة”، وطالب بضرورة التحري حول الواقعة .