*خبير تربوي: تقسيم المدارس إلى نموذجية وجغرافية يخلق حاجزاً نفسياً بين الطلاب
*لجنة الحوار الوطني طالبت بعدالة التعليم والعودة إلى نظام المدارس القومية
*الوضع الاقتصادي دفع الأساتذة للنظر في العروض التي تقدمها المدارس الخاصة
الخرطوم: رباب الأمين
بإعلان الإدارة العامة للقبول وتقويم وتوثيق الشهادات لوزارة التعليم العالي والبحث العلمي ، عن فتح باب التقديم لشواغر القبول العام للدور الثاني لمؤسسات التعليم العالي ، (السبت) ، أسدل الستار على امتحانات الشهادة السودانية، التي تمثل نقطة تحول هامة للأسر والعملية التعليمية ، بيد أن الشهادة السودانية في نسختها الأخيرة ظلت عرضة لنقد شديد من قبل خبراء تربويين وأكاديميين وأساتذة لجهة عدم تعبيرها عن المنافسة الحقيقية والعادلة للطلاب الجالسين لامتحان الشهادة .
فعلى نحو خمس سنوات وأكثر ظلت المدارس النموذجية والخاصة بولاية الخرطوم ، تحتكر قائمة الطلاب المتفوقين ، بمعنى أن قائمة الطلاب الأوائل تحتشد بأسماء طلاب المدارس النموذجية والخاصة ، والمدارس الحكومية الجغرافية لماماً .
التفرقة الأكاديمية بين الطلاب ، تبدأ من نتيجة امتحان مرحلة الأساس بتوزيع الطلاب وفقاً للمجموع، فالطلاب الذين يحرزون (259) درجة من المجموع الكلي (280) درجة يتم توزيعهم إلى مدارس حسب موقعهم الجغرافي من المدارس الحكومية، والطلاب الذين يحرزون مجموع الدرجات فوق(260)، يتم قبولهم بالمدارس الحكومية النموذجية .
المدارس النموذجية
“محمد الشيخ مدني”، صاحب فكرة تأسيس المدارس النموذجية بولاية الخرطوم ، وعددها أكثر من(12) مدرسة مقسمة إلى ثلاثة أقسام وفقاً للدرجات المحرزة من المجموع الكلي ، (ا) ومجموع درجات قبول من (260إلى 280) للطالبات والطلاب ، ومدارس البنات النموذجية هي: (علوية عبد الرافع_ بحري النموذجية بنات -أسماء عبد الرحيم_ الخرطوم النموذجية – الشهيد أبو بكر_ منى وداعة الله_ الشيخ مصطفى بنات).
ومدارس البنين ( الشيخ مصطفى الأمين النموذجية بنين الامتداد ويوسف الدقير ، بحري النموذجية بنين – بشير محمد سعيد ، -الشيخ مصطفى الأمين الأهلية ، عبد الله كريم الدين بنين ، أمبدة النموذجية شمال بنين).
أما المدارس النموذجية (ب) هي التي يتم قبول الطلاب الحاصلين على مجموع درجات من (258 إلى 252) ويطلق عليها توزيع (جغرافي) حسب المحليات ( أمبدة _ أم درمان_ كرري _ شرق النيل _الخرطوم)، مدارس(ج) هي المدارس الجغرافية ونسبتها من (250إلى 160) ، وأقل من ذلك له خياران إعادة العام الدراسي أو الالتحاق بمدارس اتحاد المعلمين.
فجوة التعليم:
ويرى خبراء تربية أن المدارس النموذجية أوجدت فجوة في التعليم ،ففي مقارنة في قائمة نتائج الامتحانات في العام(2013م)، كان أول الشهادة السودانية من مدرسة الشيخ مصطفى الأمين النموذجية، وأحرز نسبة (96.9%) ، وظلت المدرسة محافظة على المرتبة الأولى في المدارس النموذجية، وكان أول الشهادة (2014) منها وأحرز ( 97.6%).
و مدرسة علوية عبد الرافع النموذجية احتلت المرتبة الأولى في عامين(2015-2016) وأحرزت الأولى بنسبة (97.1%).
وفي عام(2017) كانت المرتبة الأولى من نصيب مدرسة يوسف الدقير النموذجية بنسبة (97.1%).
وتواصلت جهود المدارس النموذجية في تنافس الأوائل ،وهذا العام نافست مدرسة (الخرطوم النموذجية القديمة) في قائمة الطلاب الأوائل.
وخلال الأعوام السابقة انحصر التنافس الحكومي في المدارس النموذجية فقط .
المدارس الحكومية القومية:
منذ عهد الحكم الثنائي كانت المنافسة في امتحانات الشهادة السودانية قائمة بين المدارس تحت لواء واحد وهو التعليم (القومي) وكانت نسبة المنافسة عالية جداً والطلاب يفدون إليها من مختلف المدن السودانية، ومنها مدارس (خور طقت_ حنتوب_وادي سيدنا_ كادقلي_ خورعمر)، يقيم طلاب هذه المدارس بداخليات ملحقة بها . وتخرج في المدارس القومية العديد من أصحاب الفكر وأهل السياسة ،بيد أن نظام القبول لمدارس حسب السلم التعليمي الذي أوجد مدارس الأساس ألغى ، المدارس القومية ، التي تعتبر نموذجاً للتعليم في السودان.
قسمة ضيزى
التقسيمات أعلاه خلقت فجوة في التعليم وتسببت في تقسيم المدارس حيث أصبح التعليم تجارياً حتى داخل المدارس النموذجية توجد فصول تعليم خاص بأكثر من (4) آلاف جنيه رسوم دراسة للعام الواحد ، وهذا ما أدى إلى تراجع عملية التعليم ، حسب تربويين.
الحوار الوطني:
لم تغب أجندة إصلاح التعليم عن مداولات الحوار الوطني، حيث ناشدت إحدى لجان المشاركة في الحوار الوطني بعدالة التعليم، ولابد أن يرجع نظام التعليم القومي مثل السابق حفاظاً على مستويات الأجيال القادمة في المجتمع وتحذيراً من أن تبنى فروقات تعليمية.
وأيضاً الخبراء التربويين يذهبون إلى أن الجلوس لامتحانات الشهادة في صورتها الراهنة لا يخضع لمعايير المنافسة العادلة .
الخبير التربوي “الهادي السيد عثمان”، ذكر في حديثه لـ(المجهر) بأن الوضع الاقتصادي ساهم في تراجع نسبة النجاح لهذا العام مما دفع الأساتذة إلى النظر في العروض الأفضل التي تقدم لهم من المدارس الخاصة ، وهذا ما ذهب إليه عدد من الأساتذة.
واختلاف المسميات في المدارس(جغرافية_نموذجية) يضع الطالب الجغرافي في حالة نفسية سيئة كأنما قيل لهم بأنكم(فاشلون).
ميزانية الدولة:
(5 مليارات و326 مليون جنيه) لقطاع التعليم في عام(2018)،ولكنها لم توفر لجميع المدارس الكتب والمستلزمات التي تعاني منها الدولة من تأهيل المدارس وعدم توفير الفصول الدراسية بالإضافة إلى فرق الرواتب بين المدارس الخاصة والحكومية (الجغرافية _النموذجية).
فرق واضح:
قامت (المجهر) بجولة إلى المدارس الحكومية، وأظهرت الفروقات في البنيان والبيئة المدرسية بين المدارس الحكومية (الجغرافية) والنموذجية ورغم أنهما حكوميتان ولكنهما يختلفان في دفع رسوم الطالب، حيث يدفع الطالب في النموذجية ما يقارب (1000) جنيه، إذا حاز على النسبة النموذجية، وداخلها فصول خاصة للطلاب الأقل من نسبة القبول النموذجي بـ(4)آلاف جنيه .
أما المدارس الحكومية (الجغرافية) يوزع بها الطلاب الذين لم يحرزوا درجات تؤهلهم للقبول بالمدارس النموذجية، فيتم توزيعهم ، حسب مناطق سكنهم لذلك سميت بالجغرافية .
هناك فرق
في المدارس النموذجية ،عدد الفصول الدراسية ما بين(15) إلى (10) فصول مع تأسيس كامل للبنيان المدرسي، ووجود مكيفات داخل كل فصل ويمنع جلوس أكثر من (50) طالباً داخل الفصل.
أما المدارس الحكومية غير النموذجية فعدد الفصول بها لا يتجاوز(6) ويوجد اكتظاظ في الفصل وذلك لإجلاس أكثر من (80) طالباً داخل الفصل الواحد.مع وجود إهمال بيئي واضح من خلال تآكل بنيان المدرسة،وأغلق المعتمد عدداً من المدارس، ووعد بإعادة تأهيلها خوفاً على الطلاب من الأذى ويقع ما لا يحمد عقباه ، كما وقع لطالبات مدرسة الصديق الأساسية.
علة التعليم
الخبير الأكاديمي “سليمان الطيب”، قال في حديثه لـ(المجهر) :إن المدارس النموذجية والخاصة هي سبب رئيسي في تدهور التعليم بالسودان، قائلاً: (إنها جزء من علة التعليم).
واعتبر “سليمان” أن المدارس النموذجية نوع من الاحتيال، وتحقيق المصالح الشخصية ، وأن نتيجة الشهادة السودانية لهذا العام تؤدى إلى الانسلاخ من التعليم العام لجهة فقدان بيئة الجودة ، والتجويد والتدريب وتمويل المدارس بالنسبة للفقراء، لا يوجد معلمون أكفاء ، فبالتالي لا يمكن لنا أن نحقق تعليماً مفيداً. مضيفاً بأن الدولة تجاهلت التعليم ولم توفر له التمويل اللازم ، وأردف قائلاً: (التعليم أهم من البترول وفي حاجة إلى رعاية) ولابد للدولة أن تسترجع نظام التعليم العام وتوفر(10%) من ميزانيتها للتعليم لكي نعيد الأمانة في العمل ونحافظ على المناهج التعليمية.
مقارنة لنتيجة الأعوام السابقة:
(المجهر) بدأت تقلب أوراق الأعوام السابقة، بعد أن رفضت وزارة التربية والتعليم بولاية الخرطوم ، الكشف عن إحصائيات المدارس النموذجية،بيد أن الصحيفة نقبت في الأرقام أدناه والتي تشهد على مفارقات الشهادة السودانية في نسخها الأخيرة،المدارس الحكومية في عام (2013)م عدد الجالسين (151447) ، نسبة النجاح (75.2%)،أما في المدارس الخاصة كان عدد الممتحنين(104534) ونسبة النجاح (71.8).
في عام (2014)م كان عدد الجالسين للامتحان (149154)، نسبة النجاح(77.6%)، في المدارس الخاصة (115434) ممتحناً،نسبة النجاح(72.9%).في عام(2015)، (157768) ممتحناً، نسبة النجاح(78.1%)، أما في الخاص كان عدد الممتحنين(127646)، نسبة النجاح(73.5%). في عام (2016) عدد الجالسين في الحكومي (156375) ونسبة النجاح (78.1%)، أما في الخاص كان عدد الجالسين(134341) ونسبة النجاح(75.5%). في عام (2017)م كان عدد الجالسين في المدارس الحكومية(171717)، نسبة النجاح(74.1%)،في الخاص (142433)ممتحناً، نسبة النجاح(73.6%). عام (2018) عدد الجالسين(171632)ممتحناً، نسبة النجاح (73.4%) في الخاص(153889) ممتحناً، نسبة النجاح(72.2%).
مقارنة بين المواد الأساسية في العامين(2017)-(2018):
(2017) اللغة العربية (81.6%)، وشهدت تحسناً في عام(2018) وأصبحت(82.2%)، اللغة الإنجليزية (80.6) أيضاً زادت نسبة النجاح فيها في العام(2018) إلى (82%).
الرياضيات الأساسية (79.3) وفي عام(2018) (78.3%) أما المتخصصة كانت (80.2%) وتراجعت إلى (77.2%).
وشهدت الشهادة السودانية تفوقاً للطالبات في قائمة المائة الأوائل (70) طالبة مقابل (34) طالباً، عدد الطلاب الأوائل في المدارس الحكومية (68)متفوقاً، أما في المدارس الخاصة (36) متفوقاً .
ولاية الخرطوم أحرزت المرتبة الأولى حيث كان عدد المتفوقين (89) من الأوائل، وفي ولاية الجزيرة ونهر النيل (3) متفوقين ، كسلا والقضارف لديهم(2) ، الشمالية،البحر الأحمر(1).
هجوم لاذع:
دكتور”عبد اللطيف البوني”، باحث أكاديمي ، هاجم المدارس النموذجية والخاصة ، واعتبرها شركاً من أجل الحصول على المال ، ونشاطاً تجارياً ضحاياه الطلاب، ونفى حاجة التعليم للمدارس النموذجية قائلاً: (نحن محتاجين للتعليم التوزيع الجغرافي حتى ولو الطالب مقفل المجموع يتوزع جغرافياً) حفاظاً على المستوى التعليمي، وضمان إتقان المعلم للعملية التعليمية والتربوية ، مطالباً الدولة بأن تطرق الحلول العاجلة خوفاً من أن تجلب تسميات المدارس تدهوراً ملازماً للتعليم .
مستقبل مجهول:
الأستاذ “فخر الدين كمال”، قال :إن المستقبل مع أصحاب المال وهم (المدارس الخاصة) نسبة لتهيئة البيئة المدرسية التي تناسب العملية التعليمية وتشحذ همم الطلاب.
الأستاذ “إمام” ، ذكر أن المدارس الحكومية غير النموذجية قريباً سوف تتلاشى لأن نسبة النجاح في المدارس غير مبشرة بنجاح مستمر، مبيناً أن بعض المدارس لم تحرز نسبة النجاح 50%.