ولنا رأي

سماسرة داخل جهاز المغتربين!!

حاول جهاز السودانيين العاملين بالخارج استمالة المغتربين واستقطاب مدخراتهم بشتى الطرق، ولكن لم ينجح، بل فشل فشلاً ذريعاً في ذلك، والسبب أن الثقة بين المغتربين والجهاز مفقودة وحتى أبيِّن افتقاد تلك الثقة ذهبت قبل أيام مع واحد من المغتربين الذي دفعته الظروف أن يأتي إلى البلاد في زيارة قصيرة، ولما لم يكن قد دفع ضريبته لعام تقريباً وكان لابد أن يعود لمباشرة عمله طلب أن يؤجل له العام على أن يمنح تأشيرة الخروج للذهاب  لمقر عمله، لأن الظروف قد اضطرته لتلك الزيارة المفاجئة، ولكن عجز تماماً في إقناع تلك الجهة المسؤولة، وكان في حيرة من أمره، وقد أنفق كل الذي قدم به في تلك المناسبة، فالجهات المسؤولة بجهاز المغتربين لا أدري أن كانت تعلم بأولئك السماسرة وغاضة الطرف عنهم أم تعلم وهذه مصيبة كبيرة أن يكون داخل الجهاز سماسرة يبيعون ويشترون في المغتربين والجهاز سادي دي بطينة والأخرى بعجينة، والأموال تضيع من أيدي الدولة لتدخل إلى جيوب السماسرة المنتشرين داخل وخارج الجهاز..لم يعجز صاحبنا في الحصول على تأشيرة الخروج في دقائق من أولئك السماسرة الذين يتعاملون مع جهات داخل الجهاز أو مع جهات تقوم بتسهيل الأمر إليهم، وبالفعل استطاع صاحبنا أن يحصل على ما يريد، وغادر إلى مقر عمله بعد أن دفع مبلغاً كانت أولى به الدولة لو أحسن الجهاز التعامل مع المغتربين..إن هذا الجهاز كان بالإمكان أن يكون مصدر لعملة كبيرة يتم استقطابها من المغتربين لو تعامل الجهاز معهم بكل ثقة، ولكن البيروقراطية وعدم معرفة مصالح البلاد أضرت بدخول عملة صعبة إلى البلاد منذ أن عرف المغترب السوداني الاغتراب في عشرينات القرن المنصرم، وفشل كل الأمناء الذين تعاقبوا على الجهاز في إقناعهم بتحويل أموالهم إلى الداخل .. والسبب أن القوانين لم تعمل لمصلحة المغترب، بل كانت من أجل مصلحة الجهات الأخرى، ولذلك ظل المغترب يحوِّل مدخراته إلى شقق في القاهرة أو ماليزيا أو أي دولة أخرى طالما البلد وضعت قوانين تعجيزية لهم، في كثير من الدول تمنح للمغتربين تسهيلات جعلتهم يدفعون أموال طائلة إلى بلادهم، فإذا نظر إلى مصر القريبة تجد الدولة قدمت لمغتربيها تسهيلات كبيرة شجعتهم على تحويل أموالهم إلى الداخل، فأموال المغتربين الآن مستفيد منها السماسرة وتجار العملة الذين يمنحون المغتربين ما يفوق ما تمنحه له الدولة، وهذا هو السبب الذي جعل سعر العملة متصاعد فلكياً، فإذا كانت حالة هذا المغترب الذي دفعته الظروف أن يعود إلى البلاد في ظروف استثنائية ولم يراع الجهاز حالته، فهل بمكانه أن يدفع للدولة شيء بالتأكيد لا، ولا أظنه سيأتي مرة أخرى قريباً طالما الجهاز يتعامل معهم بهذه الحالة..وهذا هو سر نمو وتمدد السماسرة وتجار العملة وعلى عينك يا تاجر ومن داخل الجهاز نفسه.. ولا أحد يستطيع أن يفعل شيئاً معهم، فلو استطاع الجهاز أن يحل مشاكل المغتربين وساعد في حل قضاياهم وجدد الثقة معهم، بالتأكيد سوف تتدفق أموالهم نفعاً وخيراً وبركة للوطن، بدلاً أن تدخل إلى جيوب أفراد معيِّنين، فالجهاز مطالب بكشف مواقع الخلل أن كان ذلك داخل الجهاز أو مع الجهات التي يتعامل معها.

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية