ولنا رأي

هل ترفع العقوبات عن السودان؟

لم تتبق إلا عشرة أيام تقريباً على قرار رفع العقوبات عن السودان نهائياً، لكن يا ترى هل فعلاً الولايات المتحدة الأمريكية راضية عن السودان تماماً مما يجعل الطريق ممهداً لرفع العقوبات، أم أن الأمر عبارة عن عملية تركيع وأخذ معلومات؟.
لقد أوفى السودان بكل ما طلبته أمريكا في سبيل تمتين العلاقات بينهما، وأثبت حسن نواياه، ولكن السياسة مع أمريكا تتطلب الحذر الشديد، والأيام ستثبت أن كانت فعلاً أمريكا تريد خلق علاقات متينة مع السودان، أم تريد تلعب على الحبال، فرفع العقوبات عن السودان يثبت حسن نواياها .. فالسياسة الآن أصبحت مصالح، وأمريكا من مصلحتها خلق علاقات طيبة مع السودان، فالاستثمارات الأمريكية لا تنمو وتزدهر إلا في السودان بعد أن شهدت منطقة الشرق الأوسط اضطراباً وحروباً أدت إلى الصراعات الدائرة حتى الآن في اليمن وسوريا والعراق وليبيا، وأصبحت كل تلك الدول تعيش عدم الاستقرار السياسي والاجتماعي، لذا من الأفضل للولايات الأمريكية إلا أن تحسِّن علاقاتها بصورة أكبر وتعيد الثقة التي فقدت منذ أكثر من عشرين عاماً، طوال فترة الحظر الذي فرضته على البلاد، فالسودان يعد أكثر الدول العربية والأفريقية استقراراً في المنطقة وأمريكا ترغب في إنعاش مصالحها في المناطق الآمنة ومستقرة، ولو كانت تنظر أمريكا بمنظار المصلحة من قبل لما أغلقت آبار البترول التي تم اكتشافها إبان الحكم المايوي، وقامت بإغلاقها عندما حلت الإنقاذ، فالمصلحة كانت تقتضي توسيع مشاريعها مع السودان وليس توتر العلاقات بينهما، ومن ثم فرض الحصار عليه..فلو استفادت الولايات الأمريكية من مستشاريها ونظرت إلى مصالحها مع السودان لعمت الفائدة الطرفين، وأصلاً السودان لم يعاد الدول ما لم تبدأ هي بالعداء ضده.. صحيح الإنقاذ وفي بداياتها كانت تظن أنها بإمكانها أن تناطح أمريكا واستخدمت الشعارات المعادية لها.. أمريكا دنا عذابها، فأهل الإنقاذ كانوا حديثي عهد بالحكم ولم يعرفوا كيف يواجهون دولة مثل أمريكا، إضافة إلى المعارضين الذين خلقتهم وأصبحوا أدوات معلومات مضادة لها في الدوائر الأمريكية، فالفرصة الآن أمام أمريكا كبيرة في تحسين علاقاتها من أجل المصالح، خاصة وأن عملية الإرهاب بالمنطقة أقلقت أمريكا تماماً، وقد ساعد السودان في تسليم المطلوبين أمثال “كارلوس” وأبعدت “ابن لادن” من أراضيها، ولكن كل هذا لم يشفع لها     فأمريكا تريد المزيد من التطمينات، ولذلك بدأت في فتح أبوابها مع الساسة السودانيين لمزيد من بناء الثقة بينهم، فذهب “صلاح قوش” رئيس جهاز الأمن والمخابرات السوداني السابق، فزار أمريكا كبادرة للنوايا الحسنة بينهما، ومن ثم زاد عدد الوفود إلى أمريكا، إلى أن جاءت لحظة الرفع الجزئي، وها نحن ننتظر الرفع النهائي المتوقع في السادس عشر من يوليو الجاري، وهي لحظة ينتظرها كل السودان، لآن الآمال معلقة في إنعاش الاقتصاد السوداني الذي تسببت الولايات المتحدة الأمريكية في حصاره طوال الفترة الماضية، مما أدى إلى تدهور العملة وتراجعها أمام الدولار، ولا قدر الله أن خانت أمريكا العهد ولم تف بعهدها برفع العقوبات، فإن المسألة الاقتصادية ستشهد تراجعاً وربما يتصاعد سعر الدولار إلى أعلى مستوى له.. وربنا يكضب الشينة.

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية