ولنا رأي

أستاذ اسمه "أبشر حمتو"

إن العملية التعليمية تحتاج إلى معلمين أصحاب خبرة وتجارب وسعة صدر وبال واسع والتعليم ليس الضرب والتوبيخ، فتلميذ اليوم ليس كتلميذ الأمس، فالتلاميذ يحتاجون إلى الكلمة البسيطة والملاطفة والبعد عن العنف اللفظي والجسدي ولذلك غادر كثير من التلاميذ مقاعد الدراسة بسبب العنف الجسدي واللفظي، والمعلمون أحياناً يظنون أن التلميذ لابد أن يقوم عن طريق الضرب ولكن ليس كل تلميذ ينفع معه الضرب والضرب ما موجود إلا في المؤسسات التعليمية بالسودان ففي كل العالم لا يوجد ضرب للتلاميذ، لأن الضرب هو للحيوان وليس الإنسان ولذلك نجد كل تلميذ له طريقة معينة لا بد أن يتم التعامل بها معه وإلا فقدنا تلاميذ نابهين بعمليات الضرب والعنف اللفظي. وهنا أشكر أولاً أستاذ “حمزة الفحل” مدير الرياض الثورة النموذجية الذي وقف إلى جانب ابني “عمر” الذي أصابه الخوف والرعب في السنة النهائية بالرياض الثورة لا ندري ما هو السبب، ولكن أعتقد أن السوط واحد من تلك الأسباب رغم أنه لم يكن من التلاميذ المهملين أو المشاغبين، كان هادئاً لدرجة الخوف منه، وفجأة أصابه الرعب من المدرسة والمدرسين وترك المدرسة لأربعة أشهر، كنت أذهب به إلى المدرسة للامتحانات الشهرية فقط لحفظ مقعده وناصرني في ذلك أستاذ “حمزة”، وكان يقول لي لا تهتم كلها تصبح حكاوى وقبل أسبوعين من الامتحانات رتب كتبه وبدأ المذاكرة لوحده رفض الاستعانة بأي معلم، والحمد لله كان من الناجحين وحصل على درجات أفضل من الذين كانوا مواظبين، والتحق بمدرسة الدقير الثانوية ولكن الرعب عاد إليه والسوط في أيدي بعض المعلمين، رغم أنني نبهت مدير المدرسة الأستاذ الفاضل “عمر” ووكيل المدرسة الأستاذ “عثمان” وبقية الأساتذة، ولكن لم يعملوا بنصيحتي وجاءته الحالة من جديد رغم أنه في الامتحان الشهري الأول حصل على درجات كبيرة خاصة في المواد العلمية الرياضيات والفيزياء والكيمياء والانجليزي وبقية المواد الأخرى، فانتابته عملية الخوف من الأساتذة من جديد ولم يدخل المدرسة إلى أن انتهى العام الدراسي فتركناه ولم نتحدث عن المدرسة أصلاً إلى أن جاءت لحظة فسألناه إن كان يرغب في التحويل من المدرسة فوافق فذهبنا إلى عدد من المدارس وأخيراً وجدنا مدرسة المنهل الثانوية بنين، فوافق والتقينا بالأستاذ الفاضل والمربي الكريم  الأستاذ “أبشر حمتو” والذي تتجسد فيه عملية الأبوة والمعلم في أن واحد، فشرحت له الموقف فتفهمه تماماً وبدأ في تقديم جرعات نفسية وملاطفة ومن ثم قال له هل تستطيع أن تجلس مع طلبة الملاحق، فإن نجحت سوف ننقلك إلى الصف الثاني ملتحقاً بدفعتك، فطلب منه أن يحدد بعض المواد التي يستطيع أن يجلس لها رغم أن امتحانات الملاحق لم تتبقَّ لها إلا أيام قلية، وفعلاً اختار المواد العلمية أولاً الرياضيات الكيمياء والفيزياء والأحياء والهندسية والانجليزي،  فدخل الامتحان رغم أنه لم يطلع على المنهج المتبقي من الصف الأول ولكن بالعزيمة وإصراره دخل الامتحان في تلك المواد ومن ثم جاء فامتحن بقية المواد لوحده، وكان الفضل في هذا الثبات والثقة ترجع للأستاذ الفاضل “أبشر حمتو”. وقبل أيام اتصل علي ليبشرني بأن الابن “عمر” قد نجح في كل المواد والآن انتقل إلى الصف الثاني ثانوي وسيباشر دراسته اعتباراً من الثاني من يوليو القادم مع زملائه. وهنا لا يسعنا إلا أن نشكر الأستاذ “أبشر حمتو” الذي له الفضل في إعادة الابن “عمر” إلى الصف الدراسي بالكلمة الطيبة والمعاملة الإنسانية الراقية، ويا ليت كل المعلمين يحذون حذو الأستاذ “أبشر حمتو” في تربية التلاميذ وتحبيب العلم لهم بدلاً من كراهيته وتشريدهم والذهاب إلى الورش الصناعية.

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية