ولنا رأي

سيدي الرئيس.. اقبلها ولو لمرة واحدة!!

تحدثنا في مقالات سابقة عن أدب الاستقالة جراء الأخطاء التي ترتكب من قبل المسؤولين بقصد أو دونه، وتكون سبباً أساسياً ليتحلل المسؤول من الوظيفة (الميري)، ويتقدم بكل شجاعة باستقالته ويصر عليها دون أن تكون الاستقالة مجرد مناورة. وقد برز خلال الفترة الأخيرة أدب الاستقالة من قبل المسؤولين وصارت الاستقالات (على قفا من يشيل)، ولكن لم يتم قبول أي منها من قبل الجهات المسؤولة بالدولة أو من قبل مؤسسة الرئاسة. وأول استقالة في عهد الإنقاذ كانت من قبل الدكتور “شريف التهامي” حينما كان وزيراً للري، ولأن السيد الدكتور “شريف التهامي” لم يكن من آل البيت قبلت استقالته فوراً انتصاراً لوزير الدولة للري آنذاك “عصام صديق” الذي يحسب إلى جانب النظام ولو ادعى عدم ذلك.
وثانيها عندما سقطت إحدى عمارات جامعة (الرباط) تقدم وزير الداخلية آنذاك المهندس “عبد الرحيم محمد حسين” وتحمل مسؤولية الخطأ الذي وقع في واحدة من مؤسساته، ولكن رئيس الجمهورية قال إن المهندس الوزير “عبد الرحيم محمد حسين” ذهب في استراحة محارب وتمت إعادته بعد فترة وزيراً للدفاع. وبعدها تقدم الباشمهندس “عبد الوهاب عثمان” باستقالته جراء الخطأ الذي أدى إلى حرج الدولة عندما أعلنت الوزارة عن افتتاح مصنع سكر (النيل الأبيض) ولم يتم الافتتاح لعدم تمكن المسؤولين بالمصنع من معرفة شفرة التشغيل، ورفض رئيس الجمهورية استقالة المهندس “عبد الوهاب عثمان”. ثم تقدم الدكتور “عبد الحليم إسماعيل المتعافي” وزير الزراعة باستقالته لرئاسة الجمهورية وهي استقالة حتى الآن لم يعرف أحد من المسؤولين ولا من الصحف أسبابها، فقط سمعنا أن “المتعافي” اعتكف بمنزله ثم عاد إلى مكتبه ليلغي قرار وزير الدولة بوزارة الزراعة عندما كلف مسؤولاً بتولي منصب مدير وقاية النباتات، وصدرت الصحف بأخبار حول اجتماع مطول بين السيد الرئيس و”المتعافي” والسيد النائب الأول، وعلى إثر ذلك رفضت استقالة “المتعافي” وعاد لمباشرة عمله. إذن أدب الاستقالة قد بدأ فلماذا لم يقبل رئيس الجمهورية ولو استقالة واحدة من تلك الاستقالات حتى تكون بادرة طيبة وسنة حميدة ألا كبير على الدولة، ويجب أن يتحمل المسؤول خطأه وألا يتراجع عن تلك الاستقالة حتى نحس أن الدولة ليس فيها (خيار وفقوس)، فلماذا قبلت مؤسسة الرئاسة من قبل استقالة الدكتور “شريف التهامي” ولم تقبل استقالة وزير الزراعة أو مدير هيئة الطيران المدني رغم أن الأخطاء واضحة ويفترض أن تفصل الدولة بين مسؤوليها وبين العلاقات الشخصية لأولئك المسؤولين في الدولة وبين العمل الموكل إليهم؟ وعندما قرر السيد وزير التجارة الأستاذ “عثمان عمر الشريف” فك حظر السيارات المستعملة، أعاد رئيس الجمهورية في ساعات قليلة سريان الحظر، فهل كان بإمكان “عثمان عمر الشريف” أن يستقيل انتصاراً لكرامته؟ وهل رئيس الجمهورية كان سيرفض استقالة “عثمان عمر الشريف” أم يقبلها على الفور؟ في ظني أن الرئيس كان سيقبلها على الفور، ولماذا قبل السيد الرئيس استقالة “مسار” في حين أن مسار وزير و”جادين” موظف في واحدة من المؤسسات التي تتبع للسيد الوزير.
سيدي الرئيس: اقبلها ولو مرة واحدة حتى لا يكون هناك (خيار وفقوس)، الكل لا بد أن يتحمل خطأه.

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية