ما محتاجة لطلاق يا مولانا!!
مولانا الدكتور “عوض الحسن النور” وزير العدل من القضاة الذين يتصفون بالصبر والحكمة، ولكن أحياناً تخونه الحماقة وتخرجه من طور الرقة والوداعة إلى شخص آخر، فمولانا “عوض” ما كان في حاجة أن يحلف بالطلاق داخل قبة البرلمان عندما حاول الرد على الأستاذ “عبد الباسط سبدرات” وزير العدل الأسبق في قضية إلغاء امتحانات مهنة القانون واستبدالها بمعهد العلوم القضائية، فمولانا “عوض” حلف أنه لم يصرِّح للإعلام بذلك، ولم يطالب بإلغاء مهنة تنظيم القانون المعادلة، الأستاذ “عبد الباسط سبدرات” من المحامين الشطَّار وقد شهدنا له عقب انتفاضة رجب أبريل العديد من المحاكمات التي ترافع عنها، منها محكمة “بهاء الدين محمد إدريس” وزير رئاسة الجمهورية السابق، وقد حبا المولى عز وجل مولانا “سبدرات” بخاصية قد لا تتوفر لدى الكثيرين من المحامين، وهي إثارة الخصم وإخراجه من طوره، وهذه خاصية نادرة عند المحامين، وعرف بها منذ أن كان في المحاماة أو رئيساً لنادي المريخ أو على طاولة كتشينة، فقد شهدنا له معارك مع مولانا “محمود أبكم” الذي كان يمثل الاتهام في قضية “بهاء الدين” بينما كان يمثل مولانا “سبدرات” الدفاع في نفس القضية، ولكن برع “سبدرات” طوال جلسات المحكمة أن يخرج “أبكم” عن طوره للدرجة التي كاد أن يفقد فيها مولانا “أبكم” أعصابه ومغادرة قاعة المحاكمة وأحياناً يشتكي للقاضي مولانا “صباحي” لا ندري أين هو الآن.. مولانا “عوض” هو من شاكلة مولانا “أبكم” ومعظم القضاة يستجيبون للاستفزاز أن كان من شخص مثل مولانا “سبدرات”، وقد شهدنا نحن كمحررين صغار وقتها وكلفنا بتغطية أخبار النائب العام بعد انتفاضة رجب أبريل 1985م، وكانت مهنة تنظيم القانون عاملة هاجس للطلبة وفي غمرة الثورية والتغيير حاول خريجو ذلك العام أن يضغطوا على مولانا “عمر عبد العاطي” النائب العام وقتها بإلغاء المعادلة والاستعاضة عنها بالمعهد القانوني، وفعلاً استجاب مولانا “عمر” وألغيت المعادلة وأقيم معهد قانوني، وكانت نتيجة الناجحين بعد المعهد بكثير جداً عن الامتحانات التقليدية، ولكن لا ندري لماذا أعيدت المعادلة مرة أخرى بعد النجاح الذي حققته ؟ فالمعهد رضا مولانا “سبدرات” أم لم يرض هو الأفضل للقانونيين رغم أننا لسنا خريجو كليات قانون، ولكن من خلال المتابعة هو الأفضل، ومولانا “عوض” كان على رأس معهد الإصلاح القانوني، وقد شهدت فترته نجاح كبير للدارسين بالمعهد، ولكن الخلافات دائماً تعصف بالأشياء الجميلة في السودان، وقد كنت مسؤول الإعلام في ذاك المعهد، فقد ارتفعت حصيلة الدارسين، ولكن المكايدات عصفت بالمعهد وبمن فيه، والآن القضاة والمستشارين في أمسّ الحاجة لمثل هذا المعهد، لأن المناهج الحالية لا تعطينا قانونيين بالمستوى الجيد، وقد لاحظنا في الامتحانات التي أجريت لطلبة المعادلة وكانت نسبة الرسوب كبيرة، فكيف بهؤلاء عندما يقفون للعدالة بين خصمين وأذكر أحد القضاة عندما وقفنا أمامه ونحن خصمين الصحيفة وشخص آخر فكان لا يستطيع أن يوزن الميزان بالعدل بين الطرفين إلى أن قال في إحدى الجلسات عندما هاج في المستشار القانوني للصحيفة عندما طالبه بالعدل بيننا وبين الشاكي، فماذا قال هذا القاضي لمستشارنا القانوني: تعال اضربني بجزمتك، أنت بعدين بتدخل معي القبر.. أن كان هذا القاضي نال تدريباً عالياً لامتص غضب الطرف الآخر ومرر الأمر وكأنما لم يحدث شيء، ولذلك نحن محتاجين لمعهد لتدريب القضاة والمستشارين والمحامين وكل من له صلة بالقانون لمصلحة القاضي والمستشار قبل أن تكون الفائدة للخصوم، وإذا حكمتم بين الناس فاحكموا بالعدل ويا مولانا ما محتاجة لطلاق دي.