ورحل "محمد حماد يوسف"!!
شيَّعت مدينة المهدية الحارة الثانية ظهر أمس، ضابط الجمارك “محمد حماد يوسف” أحد القيادات الأنصارية وواحد من الذين شاركوا في انقلاب ما يسمى بالمرتزقة في سبعينات القرن الماضي، وهو من الشخصيات التي أوكل لها العمل بالداخل، وتم اعتقاله ضمن مجموعة كانت بأحد المنازل بمدينة المهدية الحارة الرابعة، وقتها كان الراحل ضابط جمارك، حينما تم اعتقاله وأودع سجن كوبر لعدة سنوات، ولاقى من العذاب ما لاقى حتى تأثرت أياديه من عملية التعذيب والربط في جذوع الأشجار، خرج من السجن وفقد وظيفته بالجمارك وامتهن العمل التجاري وخرج للعمل العام، وكان رئيساً لنادي المهدية بأم درمان حتى صعد إلى الدرجة الأولى ضمن فرق المقدمة، لم يبخل بماله على أهله وأقاربه وأصحابه، وكان باراً بوالديه وأشقائه وكل أسرته، غادر إلى المملكة العربية السعودية عندما ضاقت به الحياة، ولكن الغربة كانت قاسية عليه وعلى أسرته الكبيرة والصغيرة وتعرَّض إلى إصابة في القلب وأخضع إلى عملية جراحية استغرقت عدة ساعات، ومن ثم عاد إلى البلاد، ولكن لم يكسب عافية بعد تلك العملية، ظل صامداً وضاغطاً على جرحه وألمه، وظلت زوجته الأستاذة “شادية محمد العبيد” وفية له ولأبنائها، ظلت تعمل في مهنة الرسل والأنبياء، التعليم، معلمة للأجيال، واستطاعت أن تربي أبنائها خير تربية وتخرَّج معظمهم من كليات جامعة الخرطوم، الطب وهندسة المعمار والميكانيكا، وتخرَّج بقية الأولاد والبنات الآخرين من كليات القانون وغيرها من الكليات، والآن هم علامات بارزة في المجتمع يؤدون دورهم رغم صغر سنهم، ولم يبخل الخال السفير “العبيد محمد العبيد” أن يقف إلى جوار أبناء شقيقته الفاضلة التي أدت رسالتها على الوجه الأكمل بالمساعدة والمساهمة والتوجيه والإرشاد، وكانوا نعم التربية ونعم الأخلاق والأدب. إن الراحل “محمد حماد”، بكته الحارة الثانية لأخلاقه وأدبه وعلاقاته الاجتماعية الواسعة مع الجميع، وقد افتقده الأبناء “أشرف”، “أيمن”، “أكرم”، “أمجد”، “أسعد”، “آلاء” و”تبيان” وزوجته المكلومة وإخوانه “صديق” و”فضل الله” وأحبابه وأصدقائه بالصوفي وأم درمان وسكان الحارة الثانية والمصلين بمسجد “البلك” بالحارة. لقد ذهب إلى ربه راضياً مرضياً وكان من السعداء أن شيعته تلك الجموع الغفيرة من الأهل والجيران والأصحاب، ومن نعم المولى عليه أن كان ما بين تشييع جثمانه من المنزل إلى قبره بمقابر “أحمد شرفي” لم يستغرق نصف الساعة، وهذه نعمة كبيرة من المولى عز وجل، فقد صبر على البلاء واحتمل الألم والمرض فترة من الزمن لم يكل أو يئن إلى أن ذهب إلى ربه وهو طاهر السيرة والسريرة عف اللسان كبير القلب أخو الأخوان بار بالجميع، ولم يسمع عنه طوال حياته ما يعكر الصفو لا مع الأهل أو الجيران أو حتى الأصدقاء، كان هلالياً يدافع عن الهلال بقوة ولم يحجب النصيحة للقائمين بأمر الهلال وهو من شجع “رشيد المهدية” أو “رشيد العبيد” أن يوقع في كشوفات الهلال، وعندما سجل “رشيد” للهلال أعطاه عربته الكورلا البيضاء عندما كانت للكورلا شنة ورنة. وقال المشجعون: إن الهلال اشترى لـ”رشيد” كورلا، فقال: خلوهم يقولوا. كان هكذا هو كريم وجواد وعطوف. ألا رحمه الله رحمة واسعة وأسكنه فسيح جناته مع الشهداء والصديقين، والعزاء لأسرته الكبيرة والصغيرة وللأنصار ولسكان الحارة الثانية ولأسرة نادي المهدية بأم درمان ولنادي الهلال العظيم.