ثم ماذا بعد استقالة الحلو؟
تفجَّرت الأوضاع بصورة لم تكن متوقعة في الحركة الشعبية قطاع الشمال، ويبدو أن صراع المصالح قد بدأ بين الفرقاء، وأصدقاء الأمس سيكونون أعداء اليوم، فالحركة الشعبية قطاع الشمال التي كانت تعد نفسها الوصي على السودان منذ الراحل “جون قرنق” الذي كان يمنِّي النفس أن يحكم السودان من نملي لحلفا، جاء بعد نيفاشا طائعاً مختاراً ليس بإرادته ولكن بإرادة القوى الخارجية التي كانت تحاول طي ملف الحرب في السودان للتفرغ إلى قضايا أو مصالح أخرى فيه، ولكن صحوة “قرنق” من غفوته ودخوله في عملية السلام لم ترض آخرين، ومات “قرنق” أو تمت تصفيته وعادت البندقية من جديد بصورة أعنف من قِبَل الذين كانوا داخل الميدان معه، واستمر قطاع الشمال في الحرب يضرب هنا وهناك، ولكن لمصلحة من، كل هذه الحرب التي اكتشف “قرنق” أنها لن تحقق مطالبهم إلا عبر الحوار، ولذلك فإن الصراع الدائر الآن بين حلفاء الأمس، “ياسر عرمان” و”الحلو” و”مالك عقار”، انكشف الغطاء وبدأ كل طرف تقريباً ينظر إلى مصالحه بعد أن مدت الحكومة يدها إلى كل الحركات المسلحة للدخول في الحوار والمشاركة في بناء السودان الجديد وتنفيذ مخرجات الحوار الوطني التي أمَّن عليها الجميع أحزاب وحركات مسلحة، فانفجار الوضع داخل قطاع الشمال سببه التوجه الجديد نحو السلام، رغب “الحلو” أو لم يرغب، وأبى “ياسر عرمان” أو وافق، الآن هناك توجه جديد نحو السلام، فالذين قاتلوا الفترة الماضية من أبناء النوبة، ماذا كسبوا من تلك الحرب؟ وإذا استمرت سنين عددا ما هي المحصلة التي سيجنونها؟ ولذلك العقلاء والحكماء أن كانوا من قيادات النوبة أو أبناء النيل الأزرق أو جنوب كرفان، يرون أن الوقت قد مضى والحرب لم تحقق لهم أي مكاسب، وطالما هناك مشروع للسلام فلماذا لا يستغلوا الموقف ويستثمروا وقتهم فيما يفيد، فـ”الحلو” يريد أن يكون زعيماً على الجميع، وعندما أحس أن زعامته أصبحت هشة أراد أن يجعل لنفسه هالة بالاستقالة التي تقدم بها، فإن رفضت أو تمسَّك بها، فوضعه اختلف عن السابق، ولن يحظى بالهالة التي كان عليها، لذا من الأفضل له وللنوبة ولمناطقهم أن يعود “الحلو” إلى السلام، وإلا سيكون من بعد ذلك (كرت محروق) إذا وافقت بقية الأطراف الدخول في السلام، فـ”الحلو” رغم شخصيته الوديعة، ولكن يبدو أنه اتجاه واحد، وباستقالته يصبح هو الخاسر من تلك المجموعة. أما “مالك عقار” فقد دخل من قبل في مفاوضات مع الحكومة وتوصل مع الدكتور “نافع” إلى اتفاق أطلق عليه اتفاق “نافع” “عقار” وهذا يعني أن “مالك” سهل التعامل وهو الأقرب للسلام. أما “ياسر عرمان” رغم تضحياته الكبيرة من أجل تحقيق السلام، ولكن بعد تلك الأحداث أصبح يقف على أرض هشة بعد استقالة “الحلو”، فالنوبة لن يرضوا به ليكون زعيمهم، ولا يوجد رابط بينه وبينهم، فلو كان متزوِّجاً منهم كنا نقول يدافع عن أصهاره، ولكن انقطع الرابط وليس لديه شيء غير الدخول في سلام مع الحكومة، فالأيام القادمة ستكشف الكثير عن قطاع الشمال وعن الموافقين على الدخول في عملية السلام.
همسة
مازلت أتلقى التهاني من القراء والأصدقاء والزملاء وكلها تهاني رقيقة سعدت جداً بها، وأثلجت صدري، ومن بين تلك التهاني ما جاء من الدكتور “عبد السلام محمد خير”، الرجل الرقيق اللطيف والأستاذ “عبد العظيم عوض” الأمين العام لمجلس الصحافة والسفير القطري “الحمادي” والأستاذ “سعد” من القراء المداومين والأخ “طيفور فقيري” من السفارة القطرية والأستاذ “محمد عمر” مدير شركة البيبسي والأخ “جعفر” و”شرفي” وود “المهدي” من مفوضية الانتخابات والأخ “عوض حبيب” وكل من اتصل مهنئاً لك مني الشكر والتقدير.