مصر الخسرانة!!
توتر خفي يسود العلاقة بين السودان ومصر، وهناك خوف أكثر لدى المواطن السوداني الموجود في مصر، أو من الذين يفكِّرون في الذهاب إليها، برزت خلال الفترة الماضية أن السلطات المصرية أصدرت قرارات بزيادة الرسوم على الأجانب بمصر، ووصلت مبالغ كبيرة لتجديد الإقامة أو تأشيرات الدخول، مما أثار مخاوف السودانيين الموجودين بمصر أو الراغبين في زيارتها، ومصدر ذلك حتى الآن لم تصدر مصر قراراً بتأكيد أو نفيه، وحتى السلطات السودانية أو سفارتنا بالقاهرة لم نقرأ لها تعليق في ذلك، والتخوف امتد للإخوة المصريين الموجودين بالسودان أو الراغبين في العمل فيه، وقد لا حظنا الفترة الماضية تدفق عدد كبير من الإخوة المصريين جلهم يعملون في تجارة الأواني وغيرها من البضاعة التي يتم بيعها في السودان. في مقطع عبر “الواتساب” عدد كبير من المصريين محتجين لعدم السماح لهم الذهاب إلى السودان رغم حصولهم على العقد لممارسة التجارة.
العلاقات السودانية المصرية تمر دائماً بحالات من الشد والجذب وتلعب السياسة فيها دوراً كبيراً والنهاية الضحية يكون المواطن الذي يتأثر بمثل هذه الحالات، مصر، صحيح تستضيف آلاف من المواطنين العابرين إلى الدول الأخرى أو القادمين إليها من دول الخليج لقضاء إجازاتهم أو المغادرين إلى أوربا أو أمريكا أو القادمين إلى العلاج وما أكثرهم، ولم يتحدث أحد عن مضايقات له، بل أحياناً، يعامل مثله ومثل المواطن المصري من حيث التعليم والصحة، ولكن لا ندري لماذا هذا الشد والجذب، كلما ساءت العلاقات بين السياسيين، فالسوداني الزائر إلى مصر سيدخل خلال تلك الزيارة آلاف من الدولارات، وكذلك من جاء للعلاج، ومصر مستفيدة أكثر من السودانيين، أكثر من استفادة السودان من المصريين. فالعامل القادم للسودان للعمل حينما يخرج سيحمل معه دولارات وليس جنيه سوداني، أما المواطن السوداني فينفق كل ما يحمله معه من دولارات ويخرج بشوية هدايا، ولذلك يجب ألا تصل التوترات بين البلدين إلى هذه الدرجة. فالسودان ومصر أشبه بالتوأم، والنيل هو الرابط بينهم، وعلاقات الدم والرحم أقوى من كل شيء، فلا ندري لماذا تنعكس السياسة ومشاكلها على المواطن السوداني أو المصري، فإن كانت هناك توترات لأي سبب من الأسباب يجب أن يبعد منها مواطني البلدين، لأن عمر الخلافات السياسية لم تدوم، وطالما لم تدم لماذا نجعل ضررها على المواطن المسكين؟، وأذكر حينما كنا طلبة آنذاك كانت فعلاً السياسة تلعب دوراً كبيراً في حياتنا كطلبة، وإذا ساءت العلاقة بين الرئيس “جعفر نميري” و”السادات” أو الرئيس “حسني مبارك” انعكس ذلك علينا كطلبة، فتتأخر التحويلات أو تطالب بدفع المصاريف الدراسية، ولذلك لابد أن نبعد السياسة عن علاقة الشعبين، فليختلف الرؤساء فيما بينهم، ولكن دعوا حركة المواطنين أن كانت في تجارة أو دراسة أو زيارة أو غيرها من العلاقات بين الشعوب، فما يحدث الآن بالنسبة للسودانيين في مصر يجب أن ترفع السلطات يدها وتجعل الأمور تسير كما كانت، وكذلك بالنسبة للمواطن المصري الذي يحمل بضاعة لبيعها في السودان يجب على السلطات السودانية أن تعامله مواطناً يريد أن يفيد ويستفيد بدلاً من ضياع حقوقه حسب ما سمعنا من المقطع الذي بث على قروبات التواصل “واتساب”. فالعلاقات السودانية المصرية أكبر من الذي يحدث بين الفينة والأخرى.