أين وزير العدل؟
همس يدور وسط القانونيين عن وزير العدل مولانا “عوض الحسن النور” وسفره إلى إحدى الدول العربية التي عمل فيها مؤخراً لفترة من الزمن، البعض عزا خروج مولانا “عوض” للتعيين الذي جاء بالأستاذ “عمر أحمد” كأول نائب عام رغم أن مولانا “عمر أحمد” كان ضمن مجموعة من المستشارين الذين تم نقلهم بكشف من مولانا الدكتور “عوض”، لرؤيته حول المستشارين الذين يرغب في أن يكونوا ضمن الطاقم الذي يعمل معه داخل الديوان، أو إبعاد ما يسمى بمراكز القوى إلى خارج الوزارة، فعودة الأستاذ “عمر” كنائب عام ربما تكون سبباً في ترك مولانا الوزارة أو تقديم استقالته أو المطالبة بإعفائه. وكل شيء وارد في هذه الحالة ولا ندري هل تمت مشاورة دكتور “عوض” في ذلك، أم أن الخيار كان من قبل رئاسة الجمهورية.
لقد تعود مولانا “عوض” على الصدمات وسبق أن كان مديراً لمعهد التدريب والإصلاح القانوني، ولكن تدخل السلطة القضائية آنذاك جعلته يدفع باستقالته إلى رئاسة الجمهورية قبل أن يحل المعهد، ولكن مولانا “عوض” لا يظهر غضبه فهو من طينة نادرة يعمل في صمت وإذا لم يعجبه الحال خرج في صمت كما دخل، وهو الآن ربما يمر بنفس الظرف السابق ولكن يتكتم على حالته الخاصة ولا يظهرها إلى أقرب الأقربين إليه. وقد عشت معه حالته السابقة عندما كنت أدير له الإعلام لأربع سنوات ظل مولانا في حالة صمت وإحباط شديدين إلى أن فتح الله عليه بالانتداب، إلى دولة أبو ظبي التي عمل في قضائها وبراتب كبير جداً، ولكن عندما طلبت الجهات العليا في الدولة عودته ليشارك في حقله القضائي والقانوني عاد بدون أي شروط وبدأ مسيرة الإصلاح القانوني من داخل الوزارة، فأبعد عدداً من المستشارين فمنهم من أوكل لهم مهمة العمل في ولايات السودان المختلفة، ومنهم من نقله إلى مؤسسات الدولة بالداخل. ولكن كل ذلك لم يدعه يسلم من حديث القانونيين سلباً أو إيجاباً ومضى في مسيرة الإصلاح ونادى بفصل منصب النائب العام عن وزير العدل، على أن يتفرغ النائب العام إلى العمل الفني القانوني، وأن تكون مهمة وزير العدل الجانب السياسي. وسار إلى أن وجد مطلبه اهتمام الدولة وبشر بذلك في لقاءات متعددة بمجلس الوزراء وفي محافل مختلفة، وها هي توصيته أو توصية الجهات العليا تجد طريقها إلى التنفيذ، ولكن لا أدري هل الأستاذ “عمر أحمد” الذي عين في هذا المنصب أرضى مولانا أم كان صدمة له، باعتبار أنه أحد المستشارين الذين أبعدهم من داخل الوزارة .
إن الدكتور “عوض الحسن النور” يعد من القانونيين المتمكنين في هذا المجال ويتمتع بعلاقات واسعة وسط أهل القانون، وهو رجل اجتماعي من الدرجة الأولى ولم نشهد له أي عداوات سابقة مع زملاء المهنة. ولكن يبدو أن ذلك التعيين ربما يكون واحداً من أسباب مغادرته المنصب خاصة إن لم يستشار في ذلك، ولكن مغادرته ستكون في صمت شديد بدون دلوكة أو طار أو موسيقى أو أي هتافات، فهو رقيق كالنسمة دخل كما هو وسيخرج كما هو، وتبقى العلاقات بينه وبين الجميع كما هي، ونسأل الله أن يظل في الموقع ليواصل ما بدأه من عمليات إصلاح في مجال القانون.