الخرطوم بالنهار !!
في وقت مضى كانت الخرطوم من أجمل المدن من حيث نظافتها وإضاءتها والزائر إليها ليلاً يسحره جمالها، الأمر الذي دفع الكثيرين بإطلاق اسم الخرطوم بالليل، ولم يكن الجمال وحده، بل كانت دور السينما والملاهي والهدوء، كل ذلك جعلها تنعم بهذا الاسم الذي افتقدناه في الحكومات السابقة، وحتى فترة الإنقاذ الأولى وإلى الآن لم تشهد الخرطوم حراكاً وعملاً منظماً في نظافة المدينة وإعادة الإضاءة إليها بهذا المستوى الذي يقف عليه الفريق” أحمد أبو شنب” معتمد محلية الخرطوم. بالأمس شاهدته يقف بنفسه تحت كبري الحديد بحري يتابع عملية طلاء الشارع وصيانة الانترلوك بالقرب من جامعة الخرطوم مع إزالة الأشجار ونقل النفايات بواسطة عدة عربات خصصت لهذا الغرض.
لقد برز جمال الشارع وازدان أكثر روعة بالطلاء الأبيض والأزرق إضافة إلى تركيب عدد من أعمدة الإنارة وتجديد لمباتها.
إن العمل الميداني الذي يقوم به المعتمد “أبو شنب” والمتابعة الدقيقة واللصيقة هي التي جعلت للعاملين معه همة في تنفيذ ما يؤكل إليهم من عمل، وقد شهدناهم معه في الميدان يزيلون بقايا الأشجار، إضافة إلى متابعة عملية الطلاء والعمل الميداني ساعد في توفير فرص عمل للكثيرين من الشباب الذين ينالون استحقاقاتهم فور الانتهاء من عملهم.
إن ولاية الخرطوم تعتبر بمثابة دولة كاملة وليس محلية مثلها ومثل بقية المحليات الأخرى، ولذلك فالعمل فيها يتطلب المتابعة الميدانية، وإذا قام كل مسؤول بواجبه ليلاً أو نهاراً، كما يعمل “أبو شنب” لأصبحت لدينا عاصمة لا تقل عن العواصم الكبرى بالوطن العربي أو الأوربي فـ”أبو شنب” جعلنا نقول الخرطوم بالنهار، لأنه فعلاً أعطاها جمالاً بالنهار، وكل من يمر بشوارعها بالنهار يتأكد له أن تغييراً كبيراً قد طرأ عليها وما زال يقوم بواجبه لا يهمه التشكيل الوزاري القادم إن جاء أو لم يأت فيه، المهم عنده إرضاء ضميره مع تقديم خدمة يشهد له بها المواطن قبل الحكومة.
فولاية الخرطوم في حاجة إلى عمل أكبر مما نراه الآن أو الذي يقدمه الفريق “أبو شنب” فهناك مشكلة في الصرف الصحي، فكم من منطقة تجد مياه الصرف الصحي ضاربة والمياه متدفقة إلى ساعات متواصلة ولا أحد يقوم بواجبه لوقف تلك المياه الآسنة أو يقوم بمعالجتها نهائياً، فمنطقة السوق العربي المكتظة بالمواطنين والكافيتريات نجد مياه الصرف الصحي متدفقة لأيام وعشرات التلفونات تضرب للمسؤولين ولا أحد يستجيب، وعلى شارع “علي دينار” بوسط الخرطوم لم يمر شهر وإلا مياه الصرف الصحي قد غزت المنطقة بالمياه النتنة وعطلت الحركة والاستجابة لوقف تدفق المياه ضعيف جداً من الجهات المسؤولة من ذلك، وحتى إذا تمت المعالجة تكون مسكنات ريثما تنفجر من جديد بعد عدة أسابيع، فالحلول الجذرية لا توجد لدى المسؤولين كلها مسكنات ولا ندري إلى متى تلك المسكنات، فالعالم يتقدم بسرعة للأمام، ونحن نتأخر بسرعة للوراء، وإذا كان العمل الذي يقوم به الفريق “أبو شنب” الآن وجد عملاً موازياً من الآخرين، قريباً، سنرى الخرطوم وهى ترتدي حلة ناصعة وربما يضرب بها المثل من حيث التطور والنهضة والرفعة، وسنطلق عليها الخرطوم بالنهار وليس كما كان يطلق عليها الخرطوم بالليل من جمالها.