ولنا رأي

إقالة محافظ بنك السودان

والعالم يسير إلى خواتيمه، إذا بمفاجأة من العيار الثقيل تصدر من رئيس الجمهورية بإقالة محافظ بنك السودان “عبد الرحمن حسن عبد الرحمن”.
الرجل كان يعمل بالبنك حتى آخر النهار، فإذا بالقرار يصدر ويفسد عليه بهجة رأس السنة وعيد الاستقلال ولا أحد يعلم ما هي الأسباب والدوافع التي أطاحت به نهاراً، فالمحافظ من الشباب الذين دخلوا عالم الاقتصاد والبنوك وكانت له إسهامات مقدرة في مجاله خاصة بنك أم درمان الوطني قبل أن يرتقي إلى سلم المحافظ، وقبل الإقالة كان قد وضع السياسات لكن يبدو أن خلافاً بينه ووزير المالية الأستاذ “بدر الدين محمود” فيما يتعلق بشراء البنوك للذهب، وربما خلافات أخرى برزت إلى السطح بعد إيداع الميزانية وتمسك المحافظ بها وآخرون كانت رؤيتهم خلاف ذلك، وربما أيضاً قضية الأدوية وتورط البنك فيها كانت أيضاً من الأسباب.
 مشكلة الحكومة دائماً (غتغتة) الأشياء ولا تحسمها أو تبترها، لذلك تظهر من جديد ويكون العلاج قاسياً وربما يكون الوقت الذي صدر قيه غير الوقت الذي يفترض أن يصدر فيه.. وعموماً مشكلة الاقتصاد السوداني لن تحلها إقالة محافظ أو وزير إن كانت فعلاً دي المشكلة الأساسية التي أقيل المحافظ بسببها، فمشكلة الاقتصاد السوداني تكمن في إيجاد موارد وتنمية وليس خلافاً بين هذا وذاك، وإذا ذهب “عبد الرحمن” من منصب المحافظ فالمشكلة ما زالت قائمة.. وحتى وزير المالية البعض يتهمه بعدم تقديم أي نوع من الإصلاح الاقتصادي، وهو ليس في يده عصا سحرية لإنعاش الاقتصاد أو تخفيض الجنيه مقابل الدولار، وحتى لو ذهب السيد “بدر الدين” فإن الحكومة المرتقبة في يناير القادم ستواجه نفس المشكلة إن كان على مستوى المحافظ الجديد أو وزير المالية القادم إذا تمسك السيد “بدر الدين” بالاستقالة أو تغييره في حكومة الوفاق الوطني.
إن الصراعات في السلطة هي السبب الأساسي في الإقالات المفاجئة سواء على مستوى الحكومة أو الحزب، وقد شهد الحزب الوطني الأيام الماضية حالة من عدم الاستقرار وإقالة أشخاص، وفي ظني هذا كله صراع حول السلطة، لكن إذا نظرنا إلى إقالة المحافظ فما هو السبب الذي أدى إلى إقالة نائبه “الجيلي”، ويبدو أن نائب المحافظ رفض تحمل المسؤولية عندما طرح عليه المنصب، وهذا واحد من أسباب إلحاقه بصديقه المحافظ.
المحافظ الجديد “حازم عبد القادر” من أبناء الحركة الإسلامية، ومنذ أن تخرج في كلية الاقتصاد جامعة الخرطوم والتحاقه ببنك السودان قبل خمسة وعشرين عاماً ظل داخل الحوش، ويتمتع بمعرفة كاملة بالعمل المصرفي، ونال شهادات عليا في هذا المجال من بريطانيا.. لكن هل سيصمد في مواجهة الريح التي لا يعرف من أي الاتجاهات ستأتيه؟!
وفي خواتيم العام صدر قرار مفرح بالنسبة للأستاذ “محمد حاتم سليمان” مدير التلفزيون السابق ونائب رئيس المؤتمر الوطني بولاية الخرطوم.. بالتأكيد قرار تبرئته من كل التهم التي نسبت إليه في الفترة الماضية يعد خبراً سعيداً له ولأسرته وللمؤتمر الوطني وللحكومة التي اتسمت بالشجاعة لتقديم البلاغ إلى المحكمة.. ومن خلال معرفتنا بالرجل فهو من الزاهدين في متاع الدنيا، ولا أظنه قد مد يده للحرام وإلا ظهرت عليه علامات النعمة والثراء، كما ظهرت على الذين اتهموه.
عموماً.. مبروك أستاذ “محمد”، وجاء النصر من العدالة السودانية التي تتسم بالنزاهة.

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية