لماذا وافق وفد الجنوب على أسعار النفط؟!
رغم العداء الذي صاحب عملية الاستفتاء بين إخواننا الجنوبيين للشماليين ورغم العداء الذي تطور بعد ذلك وأدى إلى تدخل الحركة الشعبية في هجليج وقتلها الأبرياء من أبناء هذا الشعب الصابر الصامد ولكن يبدو أن الاتفاق الذي تم بين الطرفين في أديس أبابا حول البترول قد يبدد سحب الدخان التي علت المنطقة الفترة الماضية.
إن الاتفاق على رسوم عبور النفط عبر الشمال قد يكون بداية لعلاقات طيبة بين البلدين اللذين عانيا من عدم ضخ البترول وهذا أدى إلى تفاقم الأزمة الاقتصادية بين البلدين وكانت ظاهرة على الشعبين خاصة الجنوبي الذي لم يجد ما يسد رمقه بسبب قفل بلوفة النفط مما فاقم المسألة الاقتصادية خاصة وأن الجنوبيين ليست لهم موارد أخرى بالإضافة إلى منع دولة الشمال تمرير أي مواد غذائية للجنوب، وقد صدرت أحكام ضد الذين حاولوا تسريب المواد الغذائية للجنوب وهذا ربما جعل المفاوضين الجنوبيين يكونون أكثر حكمة في معالجة الموقف والوصول لاتفاق ينهي الأزمة الاقتصادية، لذا عجلوا بمناقشة مسألة النفط أولاً قبل المسألة الأمنية والحدود وهذه مقدور عليها إذا ما تم التوصل إلى حل لمشكلة النفط.
إن مشكلة النفط بين البلدين كانت فعلاً تحتاج إلى قرار شجاع بدلاً من ركوب الرأس، فباقان ربما تكون له أموال طائلة وضعها في يوغندا أو كينيا أو في أي دولة أخرى، هذا على المستوى الشخصي ولكن إذا أراد أن يكون رجل دولة ينقذ شعبه من المجاعة الطاحنة فلابد أن يتعامل مع الموقف كرجل دولة لأن الاستمرار في قفل (بلوفة) النفط يعني مزيداً من الضحايا الجنوبيين إن كان بالأمراض المستوطنة الملاريا وغيرها أو بالأمراض الفتاكة كالكوليرا والتي تحصد الآلاف في أيام قليلة والجنوب عانى منها كثيراً، لذلك كان لابد من الوصول لاتفاق يعيد للاقتصاد والجنوب عافيته وكذلك للاقتصاد الشمالي رغم أن الفارق بين الدولتين كبير جداً فالشمال دولة راسخة ومستقرة وبنياتها التحية أفضل من الجنوب الدولة الوليدة التي تحتاج إلى الكثير حتى تصبح دولة تتمتع بالأمن والاستقرار والسلام.
الأستاذ حسين خوجلي دائماً عنده مواقف لطيفة وظريفة في مثل هذه الحالة فإذا كان الموقف فنياً أو رياضياً يقول هذه حاضرها كابلي أو جكسا، وعلى شاكلة حسين خوجلي فإن اتفاق النفط قد باركه الرئيس الأمريكي أوباما وهذا يعني أن الاتفاق لا نكوص فيه ولا رجعة طالما كابلي أقصد أوباما باركه، وهذا دليل عافية، فالشمال الذي أرهق ميزانيته خروج النفط وأدى إلى زيادة المحروقات وهذه أثرت على حياة المواطن وعلى الدول وجعلتها أكثر تقشفاً وخفضت دولاب الدولة بالكامل.. فإن الاتفاق في مسألة النفط يعني عودة الحياة للاقتصاد السوداني من جديد وإلى تراجع سعر الدولار في السوق الموازي الذي ظل في حالة ارتفاع مستمر، كثير من الناس لا يثقون في الحركة الشعبية خاصة باقان وكل من هو على شاكلته ولكن يبدو أن الوضع اختلف عن السابق فطالما تدخل أوباما فلن يستطيع باقان أو غيره التراجع عما تم الاتفاق عليه، فنسأل الله التوفيق في بقية القضايا الأخرى وأن يتم الاتفاق عليها بنفس السلاسة التي تمت في مسألة النفط.