"هيلاري وترامب".. أيهما الأقرب لحمل لواء التطبيع ؟
مستقبل العلاقات مع واشنطن ما بعد “أوباما”
الخرطوم – ميعاد مبارك
احتفى رئيس الولايات المتحدة الأمريكية “باراك أوباما” بعشائه الرسمي الأخير وهو يستضيف رئيس الوزراء الإيطالي وزوجته بحضور نجوم السياسة والمجتمع في البيت الأبيض، وسيدة الولايات المتحدة الأمريكية الجميلة “مشيل أوباما” تزهو بفستان ذهبي أنيق مصنوع خصيصًا من” أتيليه فيرساتشي “..في وقت تحتدم فيه المنافسة بين المرشحة الديمقراطية “هيلاري كلنتون” والجمهوري “دونالد ترامب” بصورة شرسة تتسم بالفضائحية والتي وصفها الإعلامي الساخر “بدر صالح ” في برنامجه الليلة على قناة الـ (MBc) قائلاً: (الواضح أن كلا من المرشحين ركز خلال المناظرات على إظهار منافسه رئيساً غير مناسب للولايات المتحدة بدلاً من إظهار نفسه رئيساً مناسباً ومقنعاً.
حيرة وترقب
في الوقت الذي يقف فيه الشعب الأمريكي مودعاً للرئيس “أوباما”، ويعقد حاجب الحيرة بين المرشح الجمهوري “دونالد ترامب” صاحب التصريحات الجريئة المثيرة للجدل والمخيفة أحياناً والذي اتهم بمعاداة المرأة، وما بين وزيرة الخارجية السابقة “هيلاري كلنتون” التي شبهها بعض الكتاب الأمريكيين بشخصية السيدة “ماكبث” الشريرة في مسرحية (ماكبث) للأديب الإنجليزي “وليم شكسبير”، والتي اتسمت بالذكورية والدموية، وهي توحي لزوجها بقتل ملك اسكتلندا ليعتلي العرش بدلاً عنه إلى أن طالت القائمة وقتل زوجها عدداً من الرجال.
يقف المواطن السوداني نفس الموقف الحائر بعد أن بدأت تداعب نسمات الانفتاح بوابة العلاقات الموصدة بين الخرطوم وواشنطن، وبعد الإعفاء الجزئي للعقوبات الأمريكية خاصة في المسائل التي تتقاطع مع الشأن الإنساني، وبعد أن اعترفت الولايات المتحدة ضمنياً بإيواء جوبا للحركات المسلحة وطالبتها بإخراجها، وإبداء مسؤولين أمريكيين التفاؤل بمستقبل العلاقات بين الخرطوم وواشنطن ووعود بالتطبيع ورفع العقوبات.
كل هذا يأتي مع خواتيم الفترة الرئاسية لـ”أوباما”، الأمر الذي يفرض سؤالاً مشروعاً حول احتمال استمرار مسيرة التطبيع بين البلدين.. وهل سيوصد الباب مع خروج “أوباما” من البيت الأبيض ؟ أم ستستمر المسيرة نحو تطبيع كامل في عهد الرئيس أو الرؤساء القادمين للولايات المتحدة الأمريكية؟.
وهل سيؤثر فوز “ترامب” أو “هيلاري” على مجريات التطبيع واللقاءات بين الطرفين التي قطع المتحدث الرسمي باسم وزارة الخارجية السفير “قريب الله الخضر” على استمرارها وعلى عزم الحكومة المضي فيها حتى الوصول إلى التطبيع الكامل، مؤكداً أن التطبيع واستمرار الحوار يصب في مصلحة البلدين، وشدد الخضر على أن السودان المستقر سيساهم في تحقيق الاستقرار في جنوب السودان، في إشارة واضحة للدور المحوري الذي تعوِّل الولايات المتحدة الأمريكية على الخرطوم للقيام به، بالإضافة لدور السودان وموقعه الإستراتيجي والذي قد يساهم في ضبط الهجرة غير الشرعية والإرهاب خاصة مع اشتعال الشرق الأوسط.
التطبيع الكامل لن ينتظر الرئيس الجديد
في حين يرى القيادي الاتحادي وعضو البرلمان أستاذ “محمد المعتصم حاكم” أن التطبيع لن يتأخر لبعد ديسمبر، مؤكداً أن السودان دولة مشجعة للتطبيع لاعتدالها وعدم وجود تنظيمات متشددة ولا إرهاب فيها وأنها مستقرة لحد كبير، وأكد “حاكم” أن دعوة الحوار الوطني شجعت الولايات المتحدة أكثر، لأنها شملت كل حاملي السلاح ووقف الحرب، ووجدت واشنطن أن مخرجات الحوار تسير في مسار السلام، مشيراً إلى أن بنود الحوار الوطني ستحقق للسودان دولة ديمقراطية حديثة، الأمر الذي سيفتح الباب للتطبيع الكامل بين البلدين.
ودلل “حاكم” على حديثه بخصوص تصريحات القائم بالأعمال الأمريكي حول بذل حكومة واشنطن لمجهود كبير من أجل عودة الحركات لطاولة الحوار. وأضاف القيادي الاتحادي أن أمريكا لديها مصالح مشتركة مع السودان، بداية من موقع السودان ووضعه أفريقياً وعربياً بالإضافة للمجالات الواسعة لفرص الاستثمار في السودان، ويعتبر دولة واعدة في هذا المجال، فضلاً عن أن واشنطن ترى أن الخرطوم مؤهلة للعب دور فاعل في إحلال الاستقرار في دولة الجنوب، وذلك بعد اعترافها العام الماضي بارتكاب خطأ عندما دعمت انفصال الجنوب بسبب معلومات خاطئة من قيادات جنوبية.
واشنطن وسياسة التطبيع المعتدلة
يؤكد “حاكم” أن السودان المستقر قد يلعب دوراً فاعلاً في مكافحة الإرهاب، خاصة بوجوده في موقع يتوسط عددا من الدول التي تنشط فيها الحركات المتطرفة في ليبيا وأفريقيا الوسطى واليمن وغيرها، وأبان المتحدث أن السياسة الأمريكية تسير نحو إغلاق ملفات العداء مع عدد من الدول وليس السودان فقط ، مؤكداً أن واشنطن تميل في المرحلة المقبلة لوضع رؤية معتدلة.
رفع العقوبات لا يحتاج لقرار من مجلس الشيوخ
وأبدى القيادي الاتحادي “محمد معتصم حاكم” تفاؤله بانفراج العلاقات بين البلدين، وبدأت برفع الحظر عن التحويلات البنكية للأغراض الإنسانية، مؤكداً أن نهاية ديسمبر ستحمل بشريات التطبيع الكامل، وأوضح أن الرفع الكامل للعقوبات لا يحتاج لقرار موازٍ لقرار العقوبات من مجلس الشيوخ، ويمكن أن يتخذه الرئيس مباشرة، لأنه يملك حق الفيتو.
“هيلاري” ستلتزم بمسيرة التطبيع
ويرى “حاكم” أن التطبيع الكامل لن ينتظر الرئيس الجديد وسيحدث مع نهاية عهد الرئيس الحالي “باراك أوباما”، ويجزم المتحدث بأنه في حال فوز المرشحة الديمقراطية “هيلاري كلنتون” فإن التطبيع سيسير بصورة إيجابية، مؤكداً أنها ستلتزم بخط “أوباما” لانتماء كليهما للحزب الديمقراطي الذي يسير في اتجاه التطبيع، ويؤكد “حاكم” أن “هيلاري” هي الأوفر حظاً في الانتخابات. وفي رده على سؤال لـ(المجهر) حول العداء القديم بين “هيلاري” والخرطوم، أكد القيادي الاتحادي أنه لم يكن عداءً من جهة “هيلاري” وإنما سياسة الولايات المتحدة الأمريكية ككل، كانت تسير في ذلك الاتجاه، بالإضافة إلى ترسبات قديمة من عهد “بيل كلنتون” وقصف مصنع الشفاء للأدوية، مؤكداً أن المسائل تبدلت الآن وأن “هيلاري” ستسير في اتجاه التطبيع الذي يلتزم به حزبها.
فوز “ترامب” سيؤثر سلباً على العلاقات بين البلدين
أما في حال فوز “ترامب” والذي اعتبره “حاكم” الأقل حظاً في الانتخابات الرئاسية، فقد ذهب إلى إن فوزه في الانتخابات يعد ضربا من ضروب المستحيل، إذ إن موازين السياسة الأمريكية – حسب المتحدث – ستفقد اتزانها وستكون أكثر تشدداً وعدائية وسيتأثر السودان سلباً بفوزه، وقد تكون التبعات غير إيجابية فيما يلي استمرار التطبيع بين البلدين.