خبير اقتصادي: (150) مليون دولار حجم تحويلات الأجانب شهرياً من السودان
في ندوة “مخرجات الحوار الوطني وأثره على الاقتصاد ومعاش الناس”
sتقرير – نجدة بشارة
في الوقت الذي تتحدث فيه الأحزاب السياسية بمختلف ألوانها عن التغييرات والاختراقات التي قد تحدثها مخرجات الحوار الوطني بالساحة السياسية، ينظر المواطن البسيط إلى هموم معاشة وما قد تأتي به الوثيقة الوطنية من إصلاح اقتصادي وردع لغول السوق وارتفاع الأسعار.
ولعل رئاسة الجمهورية قد أعلنت عن برنامج متكامل بالوثيقة لإصلاح أجهزة الدولة، وما يلزم من تعديلات، وخص قضية الاقتصاد ومعاش الناس كأبرز وأهم محاور الساحة السياسية حالياً، حيث رفعت جميع الأحزاب المشاركة في الحوار الوطني رؤيتها حول قضايا الاقتصاد، واتفقت جميعها على ضرورة زيادة الإنتاج والإنتاجية والاستفادة من موارد السودان الطبيعية والحيوانية والسمكية والمعدنية، هذا إلى جانب ضرورة إعادة النظر في السياسات الاقتصادية.
زيادة الأجور أولوية
وأجمع خبراء اقتصاديون تحدثوا بندوة “مخرجات الحوار الوطني وأثره على الاقتصاد ومعاش الناس”، التي جاءت بتنظيم من اتحاد نقابات العمال بقاعة الشهيد الزبير، أول أمس (الأحد)، أجمعوا على ضرورة زيادة المرتبات في المرحلة القادمة مع التركيز على أهمية الإنتاج، بالإضافة إلى محاربة الفساد.
وقال الخبير الاقتصادي ورئيس غرفة المستوردين باتحاد أصحاب العمل، ورئيس لجنة معاش الناس بالحوار الوطني “سمير أحمد قاسم” إن الإصلاح المعيشي لا يتأتى إلا بالإصلاح الأمني والاقتصادي والسياسي، وأوضح أنه في إطار الإصلاح الأمني يجب وقف الحرب لأن (80%) من ميزانية الدولة تذهب للحرب.. أما في إطار الإصلاح الاقتصادي فهذا يتطلب زيادة الإنتاج والإنتاجية وتشجيع وتحفيز الصادرات غير البترولية، إزالة الجبايات غير المبررة، إزالة المعوقات في قانون الاستثمار، إزالة العجز في الميزان التجاري الخارجي، إزالة الفساد والترهل الحكومي ومحاربته بجميع الأشكال- حسب قوله، تخفيض التضخم ما أمكن وضبط الإنفاق الحكومي
وانتقد “سمير” الإحصاءات الرسمية بشأن الفقر وقال إن نسبة الفقر قد تجاوزت الـ(60%)، وسعر الدولار في السوق الموازي الآن (15.5)، وقال: (نخشى أن نلحق بدولة زيمبابوي حيث الرغيفة بمليار)، وأضاف: (عدم استقرار سعر الصرف وانهيار الجنيه أمام العملات الأجنبية سيؤدي إلى ارتفاع التضخم وارتفاع أسعار السلع، كما يساهم في زيادة نسبة الفقر وارتفاع الجريمة وبالتالي عدم استقرار الأسر).
وشدد “قاسم” على ضرورة زيادة المرتبات، وقال: (المرتب الآن لا يكفي 36% من معيشة المواطن)، وأضاف: (إذا لم يتم العلاج الجذري نخشى الانهيار الاقتصادي)، ويرى أنه وللخروج من الأزمة الاقتصادية الراهنة لابد من الانتقال بها إلى خانة العلاج، الشيء الذي يتطلب عمليات جراحية تصب في مصلحة الوطن.
بينما يرى الخبير الاقتصادي “محمد الناير” أن زيادة المرتبات من متطلبات المرحلة وقال إن (25-30%) غير مجدية، والعامل يحتاج إلى (1200- 1500) جنيه، وأردف: (نحتاج إلى قفزة لتحسين معاش الناس)، وأكد أهمية ضبط الأسواق في حال تعديل الأجور).
دولة مؤسسات وكفاءات
وأوصى “الناير” بتوفير العدالة والمساواة في الخدمة المدنية وإزالة التباين والتشوهات، وقال: (لتنجح المخرجات لابد أن تكون الدولة دولة مؤسسات وأن تراعي الحكومة الترهل والالتزام به في هذا الحجم ما لم يحدث انخفاض)، وأضاف: (أية زيادة دستورية ستكون ذات أثر سالب، ويجب مراعاة الكفاءات في تشكيل الحكومة القادمة)، وطالب بضرورة إصلاح أجهزة الدولة، وقال: (نطالب ولاة الولايات بإعلان أجندة اقتصادية، والتي قد تساهم في حل الإشكالات السياسية العالقة والصراعات القبلية).
ويرى رئيس المؤسسة التعاونية للدفاع الشعبي “يس محمد النور” في مداخلته أن فشل الدولة في اختيار العنصر البشري العامل في إدارة الموارد أدى إلى فشل الإدارات، وقال إن الدولة لا تملك إرادة سياسية، وأرجع هروب المستثمرين من البلاد إلى ضعف إرادة الدولة، مطالباً بضرورة بسط هيبتها، فيما يرى أحد المتحدثين أهمية الرضا الوظيفي، وقال: (لابد أن تصرف الدولة متأخرات العاملين أولاً قبل زيادة المرتبات)، وأضاف إن هنالك (500) ألف عامل بالولاية يحتاجون إلى توفيق أوضاعهم المعيشية.
{ ضبط الوجود الأجنبي
طالب “سمير أحمد قاسم” بأهمية ضبط الوجود الأجنبي، وقال: (هنالك 3 ملايين أجنبى بالداخل لا يملكون مؤهلات، وساهموا في تفشي الأمراض والرذيلة)، وأضاف إن الوجود الأجنبي يساهم في ندرة العملة الأجنبية، وأشار إلى أن حجم تحويلات العمالة الأجنبية من السودان ما يقارب (150) مليون دولار شهرياً ومليار وثلاثمائة دولار سنوياً تحول بالسوق الأسود وهو ما يساوي (50%) من حجم صادراتنا، وقال: (حسب إحصائية رسمية فإن (8%) من نسبة الجريمة يرتكبها أجانب).
التعاونيات
فيما تحدث مدير إدارة شؤون المستهلك بوزارة المالية والاقتصاد ولاية الخرطوم د. “عادل عبد العزيز” عن اتجاه وزارته لإنفاذ خطة لدعم المؤسسات التعاونية، وأشار إلى أهميتها في خفض الأسعار للسلع الاستهلاكية وتوفيرها بأسعار متاحة للعاملين من مناطق الإنتاج مباشرة، ويرى أن لدينا إنتاجاً لكن تفتقر الدولة إلى توفير المنافذ، وقال: (هنالك سبع سلع سيركز عليها التعاون) وأضاف: (ستحدث هذه التعاونيات تغييراً كبيراً وخفضاً ملحوظاً للأسعار). وشدد د. “عادل” على أهمية رقابة الأسواق وحماية المستهلك وضرورة إنفاذ التشريعات المتعلقة بقوانين المستهلك.
تحرير الأسعار
ودعا “عبد العزيز” إلى تحرير الأسعار، الشيء الذي قوبل بالاستهجان من بعض الحضور، وبإجراء دراسة علمية لتطبيق التحرير الكلي، فيما خالفه “الناير” الرأي حول التحرير الاقتصادي وحجته أن الدولة الآن غير مستقرة، وقال: (بهذا المفهوم سنحتاج كل يوم إلى رفع الدعم لمتغيرات سعر الصرف)، وأضاف: (يجب النظر لها في الإطار الكلي، وأن تولي الدولة أهمية لاستقرار سعر الصرف)، وزاد: (أجواء التوافق السياسي الذي يعم البلاد الآن سيسهل الطريق لاستقرار اقتصادي قريب)، عادّاً التحدي الحقيقي والمحك في إنفاذ المخرجات.
محاربة الفساد
أجمع المتحدثون في الندوة على أهمية محاربة الفساد بكل أشكاله وألوانه، وقال “عبد العزيز” إن هنالك إرادة سياسية لمحاربة الفساد، لكن الفساد شأن يومي ويمارس على مستويات صغيرة بجيوب الدولة. فيما يرى “الناير” بأهمية تفعيل قانون “من أين لك هذا؟” لمكافحة الفساد، وإقرارات الذمة عند دخول الخدمة أو الخروج منها. وذهب رئيس غرفة مصدري الماشية بالغرف الصناعية د. “خالد المقبول” إلى أن محاربة الفساد تتطلب تصويب سلسلة القيمة (الضرائب، السياسات، الإنتاج… الخ)، وقال: (الآن انتهى زمن المحاصصات ولابد للدولة من بسط هيبتها).
الإرادة السياسية
وقطع رئيس المجلس التشريعي “صديق محمد الشيخ” بتوفر الإرادة السياسية، واستدل على ذلك بتعهد رئاسة الجمهورية بإنفاذ مخرجات الحوار، وقال: (تحكيم الإرادة السياسية ضمان لإنفاذ المخرجات)، وأضاف: (واجبنا تأمين المخرجات) وأكد جاهزية المجلس لذلك.. أما فيما يتعلق بالترهل فقد قطع بجاهزية المجلس لخفض الترهل إذا دعت الضرورة لذلك. وأقر “الشيخ” بتدني الأجور وقال إن الأجور منخفضة لكن تتطلب زيادة الإنتاج أولاً الشيء الذي تترتب عليه بعض الإجراءات.
عزلة مجيدة
إلى ذلك أوضح الخبير الاقتصادي والدستوري السابق د. “هاشم عبد الله رحمة” لـ(المجهر) أن مخرجات الحوار الوطني تمثل تحدياً حقيقياً في التطبيق، وقال: (لا نرغب في الرجوع للمحاصصات)، ويرى أن ذلك يتطلب قرارات سريعة من رئاسة الجمهورية بتعيين تكنوقراط متخصصين في إدارة الشأن التنفيذي بالبلاد للمرحلة الانتقالية، وأضاف”: (ثم، فليملأ كل حشاش شبكته في الانتخابات القادمة). وطالب “عبد الله” بوضع أجندة للحكومة القادمة توضح معالجة مشكلة الاقتصاد ومعاش الناس، إضافة إلى الاهتمام بالبنية التحتية وحل الضائقة المعيشية، وأوضح: (لتحقيق ذلك لابد من الاهتمام بالقطاع الزراعي، إيقاف السفريات الخارجية للجهاز التنفيذي والتعامل مباشرة، تقليل الإنفاق الحكومي إلى نسبة 50% وعدم الدخول في مشروعات تشييد المباني الحكومية، تقليص حجم الوزارات الاتحادية والولائية، ثم الاتجاه لعزل البلاد عزلة مجيدة والانكفاء على الإنتاج).