هل كل من شارك في الحوار له مقعد في الحكومة المقبلة
شارك عدد كبير من العلماء والمفكرين والأحزاب السياسية والتكنوقراط من أبناء هذا الشعب الأبي في وضع اللمسات الأخيرة لحل مشكلة السودان في القضايا التي طرحت أمام المجتمعين في قاعة الصداقة قبل عام ونصف، فتوصلت اللجان المختلفة المعنية بوضع المخرجات إلى حيث الوجود، ولكن هل بالضرورة أن يجد كل من شارك في تلك اللجان من الأحزاب أو المفكرين السودانيين مقعداً في الحكومة المقبلة، وهل مشاركة أولئك في وضع الحلول يجب أن تتم المكافأة بمنصب وزاري أو وكيل وزارة أو معتمد أو حتى مقعد داخل البرلمان.. الإنقاذ في بداياتها سنت سنة غير حميدة بإشراك حملة السلاح في السلطة بعد الدخول معهم في مفاوضات أو الوصول معهم لاتفاق، ولذلك كل خمسة عملوا تنظيماً أو حركة مسلحة استجابت الحكومة لهم وأشركتهم في السلطة، وحتى أولئك لم يكونوا مؤهلين تأهيلاً عالياً يمكنهم من الدخول في السلطة، ولكن عملية ترضيات جعلتهم يعتلون المناصب الوزارية والمعتمديات في كل ولايات السودان.. الآن ونحن في مرحلة جديدة بعد انتهاء الحوار الوطني وتم التوصل إلى التوصيات التي بموجبها تحل كثير من مشاكلنا السياسية والاقتصادية والاجتماعية، ولكن نخشى أن تكون تلك التوصيات ومن وضعها يحلم باعتلاء المنصب الوزاري، وبذلك تأتي حكومة مترهلة لا تستطيع أن تفي بمتطلبات المواطن الذي ظل في حالة انتظار وترقب لمخرجات الحوار، وحتى الأحزاب السياسية التي شاركت في عمل تلك التوصيات أو لم تشارك، كل واحد فيها ينتظر الحصول على المقعد الوثير في الحكومة المقبلة.
الحكومة بعملية الانفتاح الكبير لتسجيل الأحزاب السياسية، أخطأت مرة أخرى بعد أن أعطت الحركات المسلحة وضعاً مميزاً حال وضعهم للسلاح، فالأحزاب السياسية التي فاق عددها التسعين حزباً ساعدتها أيضاً في إيجاد مقاعد لها في الوزارات أو في المجالس التشريعية أو المعتمديات، مما زاد الأعباء على الدولة بهذا الترهل الكبير.. فأحزابنا السياسية ومنذ أن عرف السودان هذا التكوين لم يتعد الرقم أصابع اليد الواحدة، وكانت أحزاباً لها قيمتها ومكانتها. ولكن الآن لا أحد يستطيع أن يذكر أسماء خمسة أو عشرة من رؤساء تلك الأحزاب أو عدد خمسة أو عشرة من منسوبي تلك الأحزاب، وحتى تلك الأحزاب لا أحد يعرف لها مقراً أو نشاطاً سياسياً أو اجتماعياً، ولذلك فالمرحلة المقبلة تتطلب من الحكومة أن تشرك أقل العناصر في حكومة الوفاق القادمة، وألا تكون هنالك مجاملات في إشراك أي حزب أو منسوب حزب في الحكومة ما لم يكن من الفاعلين أو المؤهلين تأهيلاً يضيف لهذا الوطن وليس خصماً عليه.