ولنا رأي

الحج وكوارث رمي الجمرات!!

اليوم (السبت) الثالث من شهر سبتمبر 2016 هو أول أيام ذي الحجة، فهنيئاً لمن كتب الله له حج هذا العام مع ملايين المسلمين بأرجاء الوطن العربي والإسلامي والأفريقي، فالحج أحد أركان الإسلام يؤديه لمن استطاع إليه، فمتعة الحج لا يشعر أو يحس بها إلا من أدى الفريضة بنية صادقة وخالصة لوجهه الكريم.. نحن في السودان ربما نختلف عن شعوب العالم جمعاء، فالحج بالنسبة للكثيرين متعة لا تدانيها متعة، ولذلك نجدهم يحرصون سنوياً على أداء الشعيرة متى ما توفر لهم المال اللازم في ذلك، وهناك من أدى الفريضة وزاد عليها عشرات المرات، فهذا يفتخر بأنه حجَّ عشرة أو عشرين مرة، وهذا يفتخر بأنه عمَّر أكثر من ثلاثين مرة، بينما هناك من شعوب العالم يمني النفس أن يؤدي الفريضة ولو مرة واحدة.
فالشعب الأندونيسي يجمع المال عشرات السنين ليؤدي فريضة الحج، فالسودانيون ورغم تكاليف الحج الباهظة إلا أن عدداً كبيراً يحرص عليها مهما كلفه الأمر، فالحج فيه مشقة شديدة رغم ما تقدمه المملكة العربية السعودية من تسهيل لأداء المناسك، ولكن في كل عام لا بد أن تقع كارثة.. فكم من حاج فقد روحه بسبب التدافع في رمي الجمرات على الرغم من حرص المملكة على تنظيم عملية الرمي، ولكن دائماً تقع تلك الكوارث.. أذكر في العام 1991م، عندما كتب المولى عز وجل لنا الحج ووقتها حسب ما كان شائع عُمرة (وزوغة) وفعلاً ذهبت معتمراً، ولكن ظللت بالمملكة خمس سنوات، في ذاك العام لم تبلغ تكاليف الحج لدَيْ إلا مائة ريال وربما أقل من ذلك، في آخر يوم تحركنا من جدة بالتاكسي إلى مكة بعشرة ريالات تقريباً.. فذهبنا صباحاً إلى عرفات فقضينا نهار الوقوف بعرفة، ومن ثم أكملنا بقية المناسك في اليوم التالي، ففي رمي الجمرات كان الحجاج يتدافعون وكأنما جاءوا ليقتلوا أنفسهم أو قتل حجاج آخرين، فبعد أن رمينا الجمرة وهممنا بالخروج، فإذا مجموعة من الحجاج ضخام الأجسام متماسكين مع بعضهم البعض، فلولا أن كتب الله لي السلامة لكنت في أعداد الموتى، فأذكر أنني سقطت على الأرض ولكن بعض الزملاء الذين التقيت بهم انتشلوني من الأرض بصورة أقرب للخيال، ولم أدر ما الذي حدث لي، فنحن أمة حجيج مسلمين وحريصين على أداء الشعائر، ولكن أفعالنا وسلوكنا في الحج يختلف تماماً عما علَّمنا به ديننا الحنيف، فالرحمة والرأفة غير موجودة لدى كثير من مسلمي العالم، ولذلك تحدث تلك الحوادث.. فالمسلم أخو المسلم، وهنا المسلم جاء ليدوس على أخوه المسلم، ما زال أمامي مشهد امرأة من دولة آسيا وهي ميتة على الأرض ولا أحد تبرَّع لرفع جثتها من الأرض.
نسأل الله أن يتقبل من حجاج هذا العام وأن يعيدهم إلى ديارهم سالمين غانمين.

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية