من يكتشف المواهب من غير الفنانين؟!
اهتمت معظم القنوات الفضائية خلال هذا الشعر الفضيل ببرامج المنوعات أو البرامج الخفيفة ففي قناة النيل الأزرق كان البرنامج الأشهر (أغاني وأغاني) وفي (الخضراء) (غناوي وحكاوي) وفي قناة أنغام (أمنا حواء) وغيرها من الفضائيات الأخرى، وهي محاولة لجذب المشاهد عقب الإفطار إذ أن المواطن بعد الإفطار يحتاج إلى الترويح عن نفسه ببرامج خفيفة وقد نجحت تلك الفضائيات في إعداد تلك واستقطاب عدد كبير من الفنانين الجدد الذين ملؤوا الساحة الغنائية.
إن مكتشفي الأصوات الجديدة إذا خاضوا منافسات عالية بتلك الأصوات ربما يحصل السودان على العديد من الميداليات الذهبية منها والفضية أو البرونزية، ولكن ونحن نمرُّ بحالة ضعف شديد في اكتشاف المواهب الرياضية، فهل يمكن أن يكون هناك عدد من مكتشفي تلك المواهب وتقديمها للمجتمع كما هو الآن في البرامج الغنائية، هل يمكن أن نجد مكتشفاً مثل الرائع “السر قدور” في برنامجه الأشهر (أغاني وأغاني) هل يمكن أن نجد مدرباً في كرة القدم لنا يكتشف مواهب جديدة نخوض بها غمار المنافسات العالمية أو تقديم تلك المواهب إلى الفرق الرياضية المختلفة، أو المنتخب الوطني حتى يكون لدينا لاعبون ننافس بهم المنتخبات العالمية، والسودان مليء بالمواهب الرياضية كما الغنائية، فقط محتاج لمن يكتشفها، وإذا نظرنا إلى ألعاب القوى نجد عدداً منهم أمثال “الكشيف” و”خليفة عمر” وغيرهما أضافوا عملا كبيراً في هذا المجال بل منحوا السودان جوائز وميداليات عديدة في المحافل الدولية، فألعاب القوى إذا وجدت الاهتمام مثل برامج الأغاني يمكن أن تضيف للسودان الكثير في المجال الرياضي وكذا الحال بالنسبة لكرة القدم ألا يوجد أحد عشر لاعباً مميزين في مائة حارة في الثورة ألم نجد أحد عشر لاعباً مميزاً في كل أحياء مدينة مدني أو سنار أو النيل الأبيض أو دارفور أو كردفان؟! ….. محتاجون إلى مكتشفين في العديد من المجالات ليس في كرة القدم أو ألعاب القوى أو البرامج الغنائية، ولكن يمكن أن يكون هناك مكتشفون لأدباء وشعراء وأطباء ومهندسين وإعلاميين.. السودان يزخر بالمواهب، ولكن من الذي يقوم باكتشاف تلك المواهب بدلاً عن قتلها والقتل سمة من سمات الكثيرين الذين يحاولون قتلها في مهدها بدلاً عن تطويرها.
فالأنانية وحب الذات، واحدة من إشكاليات هذا الشعب وأذكر في ثمانينيات القرن الماضي جاء شاب سوداني من إحدى الدول العربية وكان متمكناً من التعليق الرياضي وبرزت موهبته بصورة ملفتة ولكنّ الحاقدين على هذا الشاب حاولوا أن يقتلوا تلك الموهبة فنحا بنفسه وغادر إلى المكان الذي يمكن أن يعينه ويطور تلك الموهبة.