رغم مرارة اللقاء .. شكراً دكتور "بلال"!!
الدكتور “أحمد بلال عثمان” القيادي في الحزب الاتحادي الديمقراطي، قبل أن ينقسم الحزب، كان من أوائل العائدين مع الشريف “زين العابدين الهندي” إلى أرض الوطن بعد اختلافهم مع المعارضة. ظل الدكتور “بلال” وفياً للإنقاذ، وتنقل في عدد من الوزارات؛ حتى وصل إلى مستشار لرئيس الجمهورية، وأُعفي مع كل المستشارين الذين تم إعفاؤهم في إطار تقليص حكومة الوحدة الوطنية؛ لمواجهة الظرف الاقتصادي الخانق، الذي أدى إلى رفع الدعم عن المحروقات.. الدكتور “بلال” عاد إلى الحكومة، وأسندت إليه حقيبة وزارة الثقافة والإعلام، وهي من الوزارات الساخنة، وكل من شغلها لم يستمر طويلاً في مقعده.
الدكتور “بلال” سياسي متمرس وصديق لقبيلة الإعلاميين.. يمتاز بالهدوء، والصبر، وسعة الأفق، ولا أعتقد أن له أعداءً؛ ولذلك عندما تولى الوزارة الساخنة أراد أن يبدأ بقبيلة الصحفيين؛ حتى يتسنى له معرفة هموم ومشاكل وقضايا الصحفيين، فقدم الدعوة لكل رؤساء التحرير وكتاب الأعمدة، ولم يخيبوا ظنه، فكان اللقاء بدار النفط بالخرطوم، وحضر معظم رؤساء التحرير، وبعض كتاب الأعمدة، كما حضر اللقاء أيضا عميد الإعلام البروفيسور “علي محمد شمو”، والسفير “العبيد مروح” الأمين العام لمجلس الصحافة والإعلام، وبعض من منسوبي وزارته وآخرين .
الدكتور “بلال” رأى أن يتحدث الصحفيين أصحاب الوجعة؛ حتى يستفيد من آرائهم، ومن ثم كيفية النظر في حل ما يطرحونه، وبالفعل تحدث كل رؤساء التحرير، ومعظم كتاب الأعمدة، ولكن كل الحديث انصب على مشكلة الصحافة في السودان، التي كادت أن تنهار بسبب الظروف الاقتصادية، وارتفاع أسعار الورق، ومدخلات الطباعة، والرقابة القبلية. اللقاء كان مليئاً بالأسى والإشفاق على هذه المهنة، وربما لا يجد القارئ في يوم من الأيام شيئاً اسمه صحافة، بل ذهب البعض إلى أن الحكومة ربما لا تريد صحافة ولا صحفيين؛ ولذلك وقفت بعيداً دون أن تضع الحلول.
السيد الوزير أحسّ بمرارة هذا اللقاء ومرارة الحديث الذي كان شفافاً، رغم أن الأستاذ “حسين خوجلي” قال إن هناك الكثير من المسكوت عنه، لن يُفصح عنه، ولكن قال إن أصحاب المطابع يمارسون أسبوعياً سياسة جديدة حول الرسوم المفروضة على الطباعة.
الدكتور “أحمد بلال” وزير الثقافة والإعلام كان يستمع بكل أحاسيسه، ولم تمر كلمة إلا وسجلها في أوراقه، ووعد السيد الوزير بالسعي لحل مشكلة الصحافة. وقال: (أنا لست وسيطاً وإنما أنا جهة الاختصاص ومن واجبي تحسس المشكلة والسعي لحلها)، وقال: (نحن حريصون كدولة على الصحافة وسنسعى لإزالة العقبات التي تواجهها كافة). وطمأن قبيلة الصحفيين ورؤساء التحرير وكتاب الأعمدة بسعيه للقاء آخر مع مدير جهاز الأمن والمخابرات وكل رؤساء التحرير للوصول إلى حلول مشتركة، باعتبار أن الجميع وطنيون، والجميع يسعى لمصلحة هذا الوطن، كما وعد السيد الوزير بالوصول أيضاً مع وزير العدل إلى صيغة حول النيابات التي شُكِّلت بالولايات للنظر في بلاغات الصحافة. ووعد السيد الوزير بالسعي لإطلاق سراح أي صحفي معتقل خارج أرض الوطن.
إن لقاء وزير الثقافة والإعلام مع رؤساء التحرير، كان مفيداً، رغم أن البعض اعتبره مكرراً، وكل وزير إعلام تولى المنصب دعا رؤساء التحرير لمثل هذا اللقاء.. أنا اعتبر اللقاء مفيداً إن كان مكرراً أو غيره؛ لأن (العيار ألما يصيب يدوش). فرؤساء التحرير أحدثوا (دوشة)، ولا بد أن تأتي هذه الدوشة بنتائج، عاجلاً أم آجلاً.. وقضية الصحافة والصحفيين لو جلس مليون وزير على نفس الكرسي لن تنتهي، ولكن طالما هناك وزراء مثل الدكتور “بلال” يحاولون الجلوس مع صاحبة الجلالة تُعد بادرة للحل ويشكر عليها.. ولكن التباكي دون السماع للصوت، فلن يلتفت أحد لهذا الذي يبكي. فنحن كلنا أمل أن يجد السيد الوزير حلاً لمشاكل الصحافة السودانية؛ حتى يحس الصحفي السوداني مثله ومثل بقية الصحفيين في العالم.. ونشكر للسيد الوزير هذه البادرة، ونشكره على سماعه لكل تلك المرارات، التي ربما أفسدت عليه وجبة الغداء اللذيذة.. وكلنا أمل أن ما طُرح سيجد طريقه إلى الحل؛ حتى لا يعتبر الإخوة في لقاء آخر أنه مكرر.