محمية الدندر (2): سياحة في مفترق طرق.. ومباني آيلة للسقوط
تُعد محمية (الدندر) برقعتها الجغرافية التي تتمدد على ثرى مترامٍ بين ولايتي سنار والنيل الأزرق في مساحة تتجاوز الـ(10000) كيلومتر مربع، واحدة من أكبر المحميات الطبيعية في إفريقيا، إذ تضم عشرات أنواع الحيوانات البرية، منها ما هو نادر جداً.
(المجهر) ضمن جولتها التي امتدت أياماً داخل المحمية خرجت بالكثير، وتحصلت على معلومات مهمة، تطرقت إلى جانب منها في الحلقة الأولى. وفي الثانية نعود لتسليط الضوء على جوانب أخرى لم تتسع لها تلك الحلقة:
{ الحيوانات.. الموت أو الهجرة!!
في فصل الخريف يصبح التنقل بين ولاية سنار والمحمية التي تقع على أطرافها في تخوم ولاية النيل الأزرق، أمراً عسيراً وعبئاً لا يحتمل وعذاباً لا يطاق، وعائقاً يقف بين المحمية ورئاستها في مدينة الدندر، حيثُ يجعل الخريف ولاية سنار مقطعة الأوصال ومعزولة جهاتها عن بعضها، إلى جانب أن بعض أنواع الحيوانات التي تعيش في المحمية انقرضت أو هاجرت جنوباً بفعل العوامل المناخية والبيئة غير الصالحة للاستقرار.
{ سياحة وبحوث علمية
تتميز محمية الدندر التي يعود تاريخ إنشائها إلى بداية القرن الماضي بكثافة غاباتها وتنوع حيواناتها، ما جعلها قبلة للسياح والباحثين من داخل السودان وخارجه، إذ يفد إليها كل عام العشرات من هؤلاء السياح والمئات من طلاب الجامعات، بحسب العميد “جمال بلة” مدير المحمية، الذي كشف عن استقبالهم لسياح وطلاب جامعات داخل، خاصة دارسي الحياة البرية، وهذا ما جعل أهمية المحمية تتعدى الجانب السياحي إلى جوانب بحثية وعلمية تلعب دوراً مهماً في التطور والنمو.
{ مبانٍ آيلة للسقوط وتأمين تام
ومن أجل خلق بيئة ملائمة لاستقبال الوفود التي تفد إلى المحمية تم بناء مساكن للسياح، لكن هذه المباني أصبحت آيلة للسقوط ومتصدعة بصوره واضحة، وتخلو من أبسط أنواع الخدمات السياحية المعروفة، ولكن عدم وجود البيئة الملائمة بالصورة المطلوب لجلب السياح لم يكن مانعاً للعشرات منهم في المكوث لفترات طويلة هناك، كما أن انتشار الشرطة وتغطيتها لكل أجزاء المحمية جعل الزائر يشعر بطمأنينة وأمان كبيرين أثناء تنقله وسيره داخلها.
لم تتوقف الحماية على الزائرين فقط، بل امتدت إلى الحيوانات والبيئة، حيث تدفع الإدارة العامة للحياة البرية بالعشرات من المفارز الشرطية التابعة لها مزودة بكافة الأسلحة الخفيفة والثقيلة إلى المحمية من أجل منع قطع الأشجار والتعدي على أراضي المحمية واصطياد الحيوانات البرية، التي تُعدّ من الثروات القومية، التي أولتها جهات عالمية وإقليميه أهمية خاصة وتكفلت بالمشاركة في تقديم الدعم من أجل الحفاظ على التنوع الإحيائي، بحسب العميد “جمال بلة” الذي أضاف: هنالك دعم مقدر من تلك الجهات لسكان القرى التي تقع جوار المحمية، يتمثل في منحهم مواقد معينة لاستخدامها بديلاً للحطب وكذلك (بوابير وطلمبات) لري مزارع المواطنين من أجل تنمية مستدامة، وجعل السكان أصدقاء للمحمية حتى لا يقومون بصيد الحيوانات.
{ الجار قبل الدار
وعدّ العميد “جمال بلة” الدعم الذي تم تقديمه للسكان محفزاً لمواطني تلك النواحي على عدم الاعتداء على الحياة البرية، وكشف عن خطة أخرى تم تطبيقها من أجل منع اصطياد الحيوانات والتعدي على الأراضي، تتمثل في تقسيم المحمية إلى قطاعات لتسهل حراستها ومراقبتها على حد قول العميد “جمال بلة” مدير محمية الدندر، الذي كشف النقاب عن قيام معسكرات داخل وعلى أطراف المحمية تبعد عن بعضها نحو (10 كيلومترات) فقط، وتستمر الحراسة فيها طول العام الذي قسم إلى موسمين، الموسم الأول يبدأ من نهاية أكتوبر ويستمر حتى يونيو من العام الذي يليه، والموسم الثاني يبدأ من يونيو ويستمر حتى أكتوبر… وهكذا، وأضاف “جمال” إن الحراسة والمراقبة وفقاً للخطة المذكورة بدأت تؤتي أُكلها في وضع حد للتعدي على البيئة والحياة البرية.