من يوقف تصاعد أسعار الدولار؟!
نسمع كثيراً من محافظ البنك المركزي السيد “عبد الرحمن حسن” أن كميات من العملة الصعبة تم ضخها للبنوك ونسمع عن استقرار الدولار مقابل الجنيه السوداني، ونسمع أن المملكة العربية السعودية قدمت لنا دعماً بالعملة الحرة، وكذلك الشقيقة قطر ذات اليد الطولى مع السودان، ولكن كل تلك الأموال لا أثر لها على واقعنا. فالحياة كل يوم تزداد صعوبة على المواطنين وكل يوم الأسعار في حالة تصاعد حتى ولو كانت السلع على أرفف المحلات التجارية والبقالات والسوبر ماركتات، فيتضاعف سعرها وهي في رفها. وإذا سألت عن أسباب ذلك التصاعد بكل بساطة يقول لك التاجر الدولار مرتفع وفعلاً الدولار مرتفع، ولا أحد استطاع أن يكبح جماحه حتى تجاوز الثلاثة عشر ألف جنيه في السوق الأسود، وربما زاد عن الأربعة عشر جنيهاً أو اقترب منها.
إن الدولار لن يتوقف ما لم تتدخل الدولة واتخاذ تدابير جديدة تساعد في نمو الاقتصاد، فالهبات والمنح التي تقدم لنا لن توقف زحف الدولار إلا بالزراعة والصناعة والإنتاج الوفير فالدولة إذا ركزت على القطن والسمسم والصمغ العربي لاستطاعت أن توقف ارتفاع الدولار، فليس من العقل أو المنطق أن يرتفع سعر الدولار في يومين أو ثلاثة جنيهين أو جنيهاً ونصف، وإذا استمر الحال هكذا فقريباً سوف يصل لعشرين جنيهاً التي حذر منها العميد “صلاح كرار” في بداية الإنقاذ عندما قال لوما جاءت الإنقاذ لوصل الدولار عشرين جنيهاً، ووقتها الدولار أي خلال الفترة الانتقالية أو الديمقراطية الثالثة قد تجاوز الأربعة جنيهات وإلى أن جاءت الإنقاذ لم يصل العشرة جنيهات. فحينما تم اكتشاف البترول وارتفعت مبيعات السودان منه وصل سعر الدولار جنيهين مقابل الجنيه السوداني، وظل الحال هكذا لفترة طويلة حتى تدفقت علينا العمالة المصرية بكميات كبيرة، ومعظم العمالة بالمنطقة من الدول الأفريقية، فالعامل المصري حينما يتقاضى عشرة جنيهات مصرية كانت تصل مصر أربعين جنيهاً مصرياً، وجاء المصريون بأعداد كبيرة وكان السودان بالنسبة لهم أفضل من أي دولة أخرى، ولكن لم تستقر الأحوال، بعد انفصال الجنوب في 2011م، طار الدولار فوصل إلى أربعة جنيهات وظل في حالة تصاعد مستمر، ففي خمس سنوات زاد سعره عشر مرات ليصل الآن في السوق الأسود إلى ما يقارب الأربعة عشر جنيهاً. لا ندري أين الأمن الاقتصادي، فكيف يباع الدولار وبتلك الأسعار الفلكية على مرأى ومسمع الدولة ولا أحد يتخذ قراراً بالقبض على أولئك التجار الذين هددوا الاقتصاد السوداني، وعاشوا على هذا الكسب المدمر للوطن، فالدولة إذا لم تتحرك سيصل الدولار إلى ما كان يتخوف منه العميد “صلاح كرار” في بداية الإنقاذ.