ولنا رأي

سوق أم درمان وكشف سوأته!!

بالصدفة دخلت إلى سوق أم درمان عقب المطرة التي نزلت مساء الثلاثاء الماضي. وسوق أم درمان تكشف سوأته أول مطرة فينكشف المُخبَّأ والمستور من وسخ وعفن ونتن، حتى يصعب عليك المشي في أي شارع أو زقاق من أزقته منذ عشرات السنين، وسوق أم درمان لم يتطور ولم يتغير ولم يتبدل، ومنو الببدله ومن البطوره؟، إذا كان أم درمان بطولها وبعرضها حتى الآن لم يأتها واحد من أولاد قلبها، عشان يطوروها ويجعلوا منها لوحة يتباهون بها كما يتباهى أولاد أم درمان بهذا الاسم في المنتديات واللقاءات، ولكن أم درمان العظيمة لا زالت غارقة في (الزبالة)، إذا دخلت السوق من المحطة الوسطى تجده مكتظاً بآلاف السيارات، وعندما تتجه شمالاً تجد أمام المسجد العتيق أصنافاً وأنواعاً من العجزة يفترشون الأرض، لا أظن أن أولئك سودانيون، والمنطقة مليئة بالمياه الآسنة، وعندما تتجه غرباً بشارع الطوخي المنطقة مكدسة بكميات من الوسخ والطين، يعجز المرء عن السير بتلك الشوارع الطولية أو العرضية، أما الأزقة فحدث ولا حرج، لقد درجت المحلية أخذ أتاوات من الباعة ولذلك تمددت المنطقة فانكشفت عند تلك المطرة، لا أظن أن المدينة التي أطلق عليها العاصمة الوطنية بهذا الشكل القبيح، عاصمة وطنية والأوساخ تغطيها من كل الجنبات، وإذا عرجت ودخلت إلى سوق الخضار وزنوك اللحم ثم إلى عمارة البرير والطواحين فكل المنطقة مغطاة بأرتال من الأوساخ، ولا أدري أين تذهب تلك الأموال التي تؤخذ من أصحاب المحلات التجارية، وأين المسئولون عن النفايات، أم أن النفايات قُصد منها الحصول على الأموال شهرياً؟، إن حالة سوق أم درمان تستدعي أن يكوِّن معتمدها لجنة للطوارئ للنظر في أمر هذا السوق الذي يُعد واجهة للسياح، ولا ندري هل فكر معتمد أم درمان يوماً الدخول إلى هذا السوق بعد هطول مطرة عليه؟، قلنا أولاد أم درمان لم يجدوا حظاً في تلك المناصب ولو وجدوها لعرفوا أين مواقع الخلل، أبسطها هذا السوق الذي خبروه شارع شارع، وزقاق زقاق، كانوا يدخلونه يوماً صغاراً، وحتى عندما تقدم بهم العمر، فمن عرف موطن الخلل سهل عليه الحل، أما المعتمدين الذين يُعينون وهم لم يعيشوا في أم درمان يصعب عليهم الإصلاح، وهنا لا نقصد أم درمان، بل هناك العديد من الولايات التي تطالب بأن تكون التعيينات لأبنائها، لأنهم يعرفون كيف يعالجون الأخطاء.
إني أتحدث عن سوق أم درمان كجزء من تلك المدينة العريقة المحببة لأهلها ولكل من ارتبط بها، فهي مدينة حنينة على الجميع لا تلفظ أحداً، ونتقبل الجميع بصدر رحب وتمنحهم اسمها، ولذلك من الأوجب والأولى أن تظل المدينة الأجمل والأنظف والأروع، بدلاً من تلك الصور والمشاهد التي ظلت تلازمها ولم تجد من يأخذ بيدها.. فسوق أم درمان تراث وفيه كثير من الذكريات لمن عاشوا فيه حتى الخضرجية والسمكرية والعياشة والملجة وستات الطواقي والفكهانجية والحدادين وأصحاب القهاوي.
السوق كل ركن فيه قصة، وكل شارع فيه ذكريات جميلة، وحتى النقادة الذين تغنى كابلي في إحدى مقاطع أغانيه (توب النقادة) لهم قصص في ذلك..
إن سوق أم درمان يُعد من أعرق الأسواق، ولابد أن تطاله يد التعمير والتنظيم، فلا يمكن أن يظل هذا السوق منذ خمسينيات القرن الماضي وهو نفس السوق في المطر وفي الأعياد وفي مناسبات المدارس، فهل يتحرك معتمد أم درمان من أجل تطويره، أم يترك الأمر لأولاد أم درمان.

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية