الشرطة ..تحية
المباحث من أميز دوائر البوليس والإدارات – لا أعرف عيناً هيكلية الشرطة- سجلها حافل بمنجزات عظمى وممتدة بطول تاريخ هذه المؤسسة العريقة التي سقت حرثها بدماء الرجال وعرقهم؛ ميزة هذه الوحدة انتشارها الميداني ورسوخ عناصرها بين أخلاط البشر والدربة التي تجعلهم ينثرون شبكة الاشتباه؛ هم مصابيح العمل الميداني ولهم عود وسهم في حالة الثقة التي يحوزها عموم مفهوم الأمن.
أتمنى أن يكون حدث استعادة مسروقات معرض جواهر (مسك الختام) بداية حسنة لتدبر الواقعة على أكثر من جانب، ووضع التدابير اللازمة لعدم تكراره مع أهمية إدراك أن ارتكاب الجريمة سهل، لكن الاستدراك فيها صعب أو منعها مستحيل لكن التحسب لها ممكن وجائز.
الشرطة السودانية مؤسسة عريقة اكتسبت بمرور السنوات خبرات غير منكورة وتطورت من حيث تحسين بيئة العمل واختيار الكادر والتطور التقني مرتقى عظيماً في السنوات الأخيرة، شأنها في ذلك شأن الأعزاء في القوات المسلحة وجهاز الأمن والمخابرات الوطني. هذا بالإجمال أحدث نقلة في رفع سقوفات الأمن العام بالبلاد انعكس في حالة استقرار بالشارع العام، جعلت البلاد في حصن حصين وبعيدة عن مهاوي التخبط في الفوضى. كان للشرطة سهمها المركوز حتى في العمليات بواسطة قوات عركت التمرد في أكثر من جهة بشرطة العمليات وقوات الاحتياطي؛ هذا إلى جانب تكاليفها في العمل الجنائي الوقائي ونشاطها شبه المدني بحماية الهوية الوطنية عبر السجل المدني، وكثير آخر يتمدد في كل مدن البلاد بطول السودان وعرضه.
احتفى الرأي العام وعموم المواطنين بمنجز ضبط الجناة في حادثة سرقة جواهر معرض (مسك الختام)؛ ليس لأن الجميع ملاك لذاك المال فبعض الذين فرحوا لا يعرفون حتى موقع المعرض، وقد لا يرتادونه لكن الكل فرح لأنهم أحسوا أن هناك رجالاً يحمون الأموال والعروض ويفرضون الصحيح، ولئن كانت جولة اللص والمجرم لحظة فجولة رجال الحق أوسع وأبر؛ وحق للشرطة الفخر برجالها الذين حققوا وربطوا البينات بالشهود، وفي زمن قياسي طالوا الذين نفذوا في عمل يؤسس بالفعل لحقيقة ألا بلاغ ضد مجهول سيقيد بإذن الله.
الرأي عندي أن ينهض المجتمع مع هذه الروح الإيجابية بفعل داعم لهذه المؤسسة؛ لا أملك تصوراً محدداً لكني أعتقد أن ثمة أكثر من طريقة لرد الجميل لهؤلاء الأوفياء الذين يسعون تحت مخاطر الوظيفة والراتب القليل، لا يكلون أو يملون حتى ينام كل المواطنين آمنين في سربهم مصانين وأسرهم وممتلكاتهم، وهذا أقل ما يمكن أن يقدم من المجتمع لهم. فدعونا نفكر ونبتكر نشاطاً يكون فيه الشعب من رعاة الشرطة، مثلما أنها في خدمته لم تكل أو تمل.