(60) عاماً على الاستقلال.. ما الفائدة؟!
في كل عام تنصب السرادق للاحتفال بعيد الاستقلال وتتزين الساحات والوزارات، وحتى المحال التجارية ترفع الأعلام عالية خفاقة على أسطحها أو سقوفها، وها هي الذكرى (60) لاستقلالنا تقترب ويبدأ المجلس التشريعي بولاية الخرطوم يوم (السبت) القادم التاسع عشر من ديسمبر الجاري الاحتفال بالاستقلال من داخل البرلمان، يدخل الأعضاء ويسترجعون الماضي ويعيدون شريط الذكريات واقتراح “دبكة” بإعلان الاستقلال من داخل البرلمان، وهذا الحديث مكرر طوال الستين عاماً من عمر استقلالنا، لكن ما هو الجديد وماذا استفدنا بعد الاستقلال؟ كيف حال البلاد والعباد طوال هذا التاريخ الطويل؟ في كل عام يمر علينا نجد أنفسنا قد تراجعنا للوراء كثيراً بينما الأمم تتقدم وتتطور.. الاستقلال الحقيقي هو أن يتعافى الساسة وأن يتحدوا وأن يكونوا يداً واحدة من أجل رفعة ونهضة البلاد، لكن ساستنا هم أس مشاكلنا كبارنا وصغارنا، بعد الاستقلال لم تتجاوز أحزابنا أصابع اليد الواحدة الآن ونحن نبلغ الستين أحزابنا تجاوزت التسعين حزباً سياسياً، ماذا قدمت تلك الأحزاب؟ وما هي الفائدة التي جناها المواطن من كثرتها؟ أصبحت أحزابنا من أجل الترضيات، أو محاولة لتفتيت الأصول منها وخلق أقزام من الأحزاب لم نسمع برؤسائها ولا منسوبيها ولم نعرف من أين يأتي تمويلها!! معظم أهل السودان يريدون أن يصبحوا ساسة من أجل مصالح شخصية، والله لو طرحنا مسابقة وطلبنا من المواطنين ذكر عشرة من تلك الأحزاب لفشل أي متسابق في ذكرها.
أما البلاد فقد تراجعت اقتصادياً بعد أن كانت في المقدمة في العديد من المنتجات صمغ وسمسم وقطن وفول، وكلها تدر مالاً لخزينة الدولة، لكن ها نحن في العام (60) ولا أحد يريد شراء منتجاتنا إن كانت موجودة أصلاً إلا الصمغ العربي الذي لم تستطع أية دولة زراعته لأن أرض السودان واحدة من بين قلة من الدولة مؤهلة لإنتاج الصمغ العربي.. أما البترول الذي حبانا المولى عز وجل به في فترة وجيزة أضعناه بالثقة الأكثر من اللازم وظننا أن أبناء جنوب السودان لن يقدموا على الانفصال مهما كانت بنود اتفاقية “نيفاشا” وكل من كان وراءها.. ظللنا نتحدث عن الوحدة الجاذبة، والآخرون يعملون من أجل الوحدة الطاردة إلى أن ضاع الجنوب من بين أيدينا وحصل الإخوة الجنوبيون على الانفصال سهلاً، وفقدنا أرضاً عزيزة علينا ما كان بالإمكان التفريط فيها بهذه السهولة.
ستون عاماً من استقلالنا والحرب ما زالت مستمرة بمناطق أخرى من أرض الوطن في النيل الأزرق وكردفان، والصراع ما زال مستمراً بين أبناء الوطن الواحد داخلياً وخارجياً، وما زالت الحركات المسلحة تضغط على الزناد في محاولة لزعزعة الأمن والاستقرار طالما تلك الجهات مستفيدة منها.
ونحن نحتفل بهذه الذكرى الأيام القادمة، نأمل أن يتصافى أبناء الوطن من خلال الحوار الوطني الذي يدور الآن بقاعة الصداقة، وأن يتصافى الجميع وينبذوا القبلية والحزبية، وأن يعود السودان كما كان وطناً يسع الجميع.