ولنا رأي

هل ينجح "دوسة" في تحقيق (من أين لك هذا؟)؟!

مولانا “محمد بشارة دوسة”، وزير العدل نقلت عنه معظم صحف الخرطوم الصادرة بالأمس أنه سينتقل بنفسه ومكتبه إلى مقر مباني مكافحة الثراء الحرام، في إشارة إلى تفعيل ذلك القانون أو بمعنى من أين لك هذا؟.. إن وزير العدل “دوسة”، عُرف بنزاهته وقوة شخصيته منذ أن كان مستشاراً صغيراً بوزارة العدل، ولكن مهمته اليوم عسيرة. وهل يستطيع أن يقاوم الجبابرة، وهل يستطيع أن يرد مال الشعب إلى الشعب من أولئك فاقدي الضمير؟!!.
إن مولانا “دوسة” وحده لن يستطيع أن يحقق العدالة ولن يستطيع أن يرد مليماً واحداً إلى خزينة الدولة، ما لم يكن معه معاونون خلصاء، يخافون الله في تلك الأموال المسلوبة، وهي ظاهرة للعيان، ومولانا ربما غير محتاج إلى الإثبات عبر المستندات والأوراق، ولكنا بالسؤال عن أي شخص، كيف حقق هذا الثراء خلال الفترة الوجيزة، يمكن أن يقع الشخص في طائلة الثراء الحرام، الدين لا يأخذ أُناساً بالشبهات، ولا يطالب بالتجسس والتحسس، ولا أخذ حقوق الناس بالقوة، ولكن من أخذ مالاً من الدولة لا بد أن يرده إليها، ولهذا تقع على مولانا “دوسة”، مسؤولية كبيرة في كيفية رد هذا المال بالطرق الصحيحة، ليس بـ(قالوا وقلنا)، وفلان شفناه بنى عمارة من خمسة طوابق، أو طابقين، وفلان فجأة أصبح ثرياً، وقد كان معدماً، ومن أين جاء بهذه الأموال؟، وهل هبطت عليه نعمة من السماء؟، كلها تحتاج من مولانا، الإثبات وليس بالشبهات.. ورغماً عن ذلك، فقرائن الأحوال واضحة، فمثلاً: موظف في أي درجة من درجات الوظيفة لم يكن مغترباً، ولم يكن والده مغترباً، ولم تأتيه ورثة، فجأة ظهر بعربة (كامري) ومنزل فخم بالأحياء الجديدة، وأثاث مستورد وأبناء يدرسون في المدارس الخاصة، وبمبالغ طائلة، هنا يمكن أن يُسأل هذا الشخص من أين أتى بكل هذا المال؟!، والسؤال هنا مشروع، وعليه أن يثبت مصدر المال حتى ولو كان (الجن)، ولكن موظفاً عادياً لا يملك قوت يومه وتنزل عليه هذه الثروة، فمن واجب وزير العدل ومعاونيه أن يأتوا بهذا الشخص لمعرفة مصدر هذا الثراء.
 ولو رجع مولانا “دوسة”، إلى تقارير المراجع العام المستمدة من الوزارات وعملية التعدي على المال العام فيها، يمكن أن يُحدّد الشخص الذي هبطت عليه نعمة من السماء أو من مد يده إلى مال الدولة. وفي هذه الحالة مطالب هذا الشخص برد الأموال التي تعدى عليها، ومن ثم محاسبته بالشرع وليس بالقانون الوضعي، فإذا استطاع مولانا “دوسة” أن يفعل ذلك، فلا أظن أن شخصاً واحداً سوف يُقدم على التعدي على المال العام.
نقول لمولانا “دوسة”: إن إبداء هذه الروح يصب في المصلحة العامة، وسيعيد الثقة من جديد لهذا المواطن الذي فقد الثقة في الدولة؛ نظراً لما يراه عياناً بياناً من فساد، والدولة لم تحاسب أولئك المفسدين، لذلك نتوقع أن يكون هنالك تعاون تام من قبل المواطنين، وهم أدرى من الدولة التي أُعتدي على مالها.. فقط يجب أن تكون هناك سرية على الشخص الذي يتقدم لتلك الإدارة وإبلاغها بالأشخاص الذين قاموا بنهب مال الدولة.
إن مهمتك مولانا “دوسة” صعبة وشاقة، وتتطلب منك التحرُّك بنفسك دون الاعتماد على الآخرين؛ إذا أردت فعلاً تحقيق مصلحة للوطن.
أعانك الله،،

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية