هل تأخر أطباء "الميرغني" في قرارهم؟!
تصدر معظم الصحف السودانية أمس خبر نصيحة الأطباء لمولانا “محمد عثمان الميرغني” الموجود حالياً بلندن.. حيث نصحوه بالابتعاد عن السياسة.
إن قرار الأطباء لمولانا “الميرغني” جاء متأخراً ليس له فقط.. وإنما لكبار الساسة في السودان ممن تجاوزوا الثمانين أو اقتربوا منها، فمولانا “الميرغني” أصلاً بعيد عن السياسة وممارستها ولم يشارك مشاركة فاعلة في أي نظام سياسي.. بل كان يتيح لأعضاء الحزب المشاركة في السلطة سواء كان ذلك إبان الديمقراطية الثالثة أم مع الإنقاذ.. فكان يصدر التوجيهات ولم يشارك بنفسه حتى السجن لم يعرفه في حياته إلا بعد مجيء الإنقاذ التي اعتقل في عهدها لشهور قليلة غادر بعدها البلاد وكوّن التجمع الوطني مع آخرين.
إن منع الأطباء مولانا “الميرغني” بعدم ممارسة السياسة سيجعل الحزب الاتحادي الأصل أمام صراع كبير بين ابنه “الحسن الميرغني” و”إبراهيم الميرغني” وقيادات الاتحاديين التي سبق أن أصدر “الحسن” قرارات في مواجهتها بفصلها أو بوقف نشاطها السياسي.
إن مشكلة الأحزاب السياسية الكبيرة لم تفرخ قيادات تتولى زمام الأمر بعد الرجل الأول في الحزب.. فمولانا “الميرغني” إذا لم يصدر قراراً لمن يتولى دفة قيادة الحزب في تلك الظروف التي منع بموجبها ممارسة السياسة.. سينفلت زمام الأمر في الحزب الكبير، وكذا الحال بالنسبة لحزب الأمة القومي تحت قيادة الإمام “الصادق المهدي”، فالصراع أيضاً سيكون بين آل البيت “مريم” وأشقائها والقيادات التاريخية في الحزب “صديق” و”أبو” و”إبراهيم الأمين”.. وربما تعود القيادات السابقة “مادبو” و”بكري عديل” و”عبد الرسول النور” وستكون المواجهة صعبة جداً وربما يقود الصراع إلى تشرذم الحزب مرة أخرى، ولذلك ينبغي أن تصدر قرارات من قبل قيادات الأحزاب الكبيرة الأمة القومي والاتحادي الأصل والشعبي تحت قيادة الأمين العام الدكتور “حسن الترابي” وإن كان الشعبي لا يتأثر كثيراً كالأمة القومي والاتحادي الأصل.. لأن أبناء الشيخ “الترابي” بعيدون كل البعد عن السياسة وعن أي منصب قبل أو بعد الانشقاق، ولكن يبقى التحدي مع قيادات الشعبي الأخرى الطامعة في القيادة وهل فعلاً الدكتور سوف يتفرغ بعد انتهاء الحوار إلى قضايا أخرى أم هي محاولة جس نبض للساسة في بلادنا، فالدكتور “الترابي” وما أعطيّ من دهاء في السياسة فكل شيء عنده جائز.. فقد عاصر حالات الصراع داخل الحركة الإسلامية منذ أن كان يافعاً فكيف به وقد استوى عوده وبلغ من العلم والفكر والخبرة والتجربة، ألم يستطع كيف يتصرف في المرحلة المقبلة، ساستنا الكبار لا يريدون مفارقة كرسي القيادة فيحاولون التشبث به إلى آخر رمق ولذلك يكون الاختيار بعدهم صعباً واختيار البديل أصعب، في ظل الطامحين والطامعين لتولي القيادة في الحزب خاصة الأحزاب الكبيرة.. فلو ارتبطت قيادة الحزب بفترة زمنية محددة تكون أفضل بدلاً من ترك الأمر مفتوحاً كما هو حالنا وحال أحزابنا وقياداتها.