ولنا رأي

ورحلت "بدرية التهامي"!!

رحلت بدون استئذان، أو كلمة وداع، رحلت وهي مليئة بالإيمان والصبر الطويل عندما أصابها هذا المرض فجأة، فصبرت على آلامه خلال الثلاثة أشهر الماضية.. كانت قوية أطلعت كل أهلها وكل من يسأل عن صحتها بهذا الداء الذي داهمها فجأة وهي في صحة تامة.
رحلت السيدة “بدرية عبد الله التهامي” ابنة الراحل “عبد الله التهامي” أغنى أغنياء الخرطوم ورجل البر والإحسان، وأرملة الأستاذ الراحل “حسن أحمدين إدريس” المستشار الاقتصادي للأمير “حمد بن خليفة آل ثاني” أمير قطر الأب.
لقد كانت السيدة “بدرية” بارة بأهلها ليس عندما تدفقت عليها الأموال وهي بدولة قطر، ولكن حينما كان زوجها يتولى منصباً رفيعاً بالحكومة في فترة السبعينيات والثمانينيات،  وعندما كانوا ضمن القلة التي تسكن حي المطار بالخرطوم، كان بيتها وبيت زوجها مفتوحاً للضيوف، يجد الناس فيه الأنس والمحبة واللطف والذوق والعشرة.
رحلت السيدة “بدرية” وهي راضية مرضية بإذن الله، لقد قدمت من الخير ما يشفع لها إن شاء الله في آخرتها، كانت رحيمة عطوفة بالآخرين.
لقد عرفتها وعرفت زوجها الراحل “حسن أحمدين إدريس” بدولة قطر في أول زيارة قمت بها لتغطية أحد المؤتمرات المتعلقة بقضايا الإسلام والمسلمين.
التقيتهما في فندق رمادا القطري جاءاني وكأنهما يعرفانني منذ عشرات السنين، أحسست وقتها أن هذا الرجل وهذه المرأة من طينة وعجينة لم أتردد حينما طلبا مني ترك الفندق والذهاب معهما إلى الفيلا التي يسكنون فيها، حملت حقيبتي وذهبت معهم، فوجدت غرفة خاصة قد أعدت لي، أجمل من الغرفة التي نزلت بها بفندق رمادا أربعة نجوم، ورغم معرفتي البسيطة بهم باعتبار أن السيدة “بدرية” ابنة خالة زوجتي، ولكن كانوا بالنسبة لي أكثر من أسرة.
لقد كانت السيدة “بدرية” تحب الحياة وتحب الناس كما زوجها، كانوا حينما ينزلون إجازة السودان يجمعون كل الأسرة وتظل وفود الزوار من أهلها مستمرة لا يكلون ولا يقولون إن هؤلاء أقلقوا منامنا. كانوا يسهرون مع كل من يأتي إليهم، بل يطلبون من السائق توصيل كل من لم تكن معه سيارة.
إن الراحلة السيدة “بدرية” عاشت حياة هادئة وكما رحل زوجها فجأة لحقته خلال بضع سنين، كانوا محبين لبعضهم البعض.. لقد ظللت لثلاثة أشهر معهم ليل نهار لم أشهد ما يعكر الصفو بينهم، رغم أن طبيعة البشر الاختلاف، لقد كانت الراحلة “بدرية” بمثابة الأم والأخت والأخ للراحل “حسن بن إدريس” رحمة الله عليه، ولذلك اختارها الله أن تكون بجواره، وهذه وصيتهم إن مات أحدهم بقطر فليدفن بها وإذا لحق  الآخر بالأول أن يدفن إلى جواره وقد كان. فقد دفنت بالأمس في يوم من أجمل الأيام والأمطار تتساقط بدولة قطر وهي تودع الدنيا، كانوا يحبون الأمطار والأجواء الجميلة. وأذكر عندما تتساقط حبيبات المطر يسرعون لرص الكراسي وعمل الشاي.. ألا رحمها الله رحمة واسعة وألهم آلها وذويها الصبر الجميل، وليست غالية على ربها.

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية