من يكسب الرهان الحكومة أم المعارضة اليوم؟!
هل تكسب الحكومة الرهان بموافقتها للمعارضة بإقامة ندوة سياسية بميدان الأهلية بأم درمان بمناسبة ذكرى أكتوبر، وأخرى داخل دار حزب الأمة القومي وثالثة بمنطقة شمبات، دعا لها حزب (الإصلاح الآن). المعارضة مازالت تشكك في نوايا الحكومة وتحاول من خلال دعوتها لتلك الندوة على الأقل نقول ندوة ميدان الأهلية، لأنها تتعلق بذكرى إحدى الثورات التي قامت بالسودان، وهي ثورة أكتوبر المجيدة التي سجلها التاريخ كواحدة من الثورات الأول التي اندلعت بالمنطقة، فقيام تلك الندوة اليوم يؤكد على أن الحكومة تحاول أن تجدد الثقة للمتشككين، وثانياً تؤكد أن مناخ الحوار الذي دعت له يتطلب المرونة في المواقف والالتزام بما جاء من حديث لرئيس الجمهورية في فاتحة أعمال الحوار الوطني.
لا أشك أن الحكومة ستمنع قيام تلك الندوة ولا أشك أن السلطات الأمنية سترفض للقائمين على أمرها منح تصريح قيامها، وكذا الحال لقيام ندوة الإصلاح الآن. كثر الحديث عن أن الحوار الذي تحتضنه قاعة الصداقة بالخرطوم ومشاركة الأعضاء من الحكومة أو المشاركين في السلطة من الأحزاب أو الحركات المسلحة العائدة للمشاركة في هذا الحوار، بأنه الفرصة الأخيرة لأبناء السودان، فاللجان التي تناقش القضايا المختلفة الهوية والسلام والمسألة الاقتصادية بالتأكيد ستخرج برؤية تصب في مصلحة الوطن ولذلك ستكون مرنة خلال الفترة القادمة ولن تعترض نشاط الأحزاب السياسية، سواء الندوات العامة أو داخل دورها بشرط ألا تحدث تلك الندوات فوضى في الشارع العام، أو تحدث اضطراباً يستدعي تدخل الجهات المختصة. فالمعارضة إن كانت حقاً تريد الممارسة الديمقراطية بقيام تلك الندوات ينبغي أن تلتزم بما ينص عليه القانون، وألا تكون تلك الندوات تعكيراً لصفو الحياة العامة.
الحكومة نتوقع أن تفي بوعدها وبوعد رئيس الجمهورية الذي قال في كلمته الافتتاحية في مؤتمر الحوار، بأنه يتيح للأحزاب السياسية ممارسة نشاطها السياسي. وأعلن عن إطلاق سراح المعتقلين السياسيين ما لم يكونوا معتقلين في جنحة جنائية.. فاليوم إما أن تكون الحكومة صادقة وملتزمة بما تقول، وإما أن تكون المعارضة قد كشفت القناع عن الحكومة وعدم صدقها لما تقول، ولكن لدي إحساس داخلي أن الحكومة هذه المرة ستفوت الفرصة على المعارضة، وستقول لها ها أنا قد التزمت بما وعدت فهل أنتم ملتزمون؟ وهل ستكون ندواتكم فيها مصلحة الشعب أم هي تهريج ومحاولة لزعزعة الأمن والاستقرار، إن غداً لناظره قريب وما الصبح ببعيد فمن يكسب الرهان الحكومة أم المعارضة؟!