ولنا رأي

مفوضية حقوق الإنسان .. هل تلبي الطموح؟

تلقيت دعوة كريمة من الأستاذة آمال التني رئيس المفوضية القومية لحقوق الإنسان؛ والأستاذة “منى أبو العزائم” مسؤول الإعلام بالمفوضية، الغرض من الدعوة لقاءٌ تفاكري مع رؤساء التحرير والإعلاميين وأعضاء المفوضية؛ للتفاكر حول مدى استفادة المفوضية من الإعلاميين في القضايا المتعلقة بحقوق الإنسان داخل البلاد.
الأستاذة آمال، امتدت معرفتنا بها عقب انتفاضة رجب أبريل 1985م، عندما كانت من المستشارات القانونيات المميزات بديوان النائب العام، وكانت تمتاز بالجرأة والقوة؛ حتى أطلقنا عليها – نحن مجموعة من الصحفيين الذين تقوم بتغطية النشاط القانوني – المرأة الحديدية، وفعلاً كانت لا تخشى في عملها لومة لائم، منضبطة في أدائها المهني القانوني.
جلسنا على منضدة طويلة مجموعة من المفوضين والصحفيين، وقدمت الأستاذة آمال، الثناء والشكر لقبيلة الصحفيين؛ باعتبارهم جزءاً أصيلاً في عمل المفوضية، كما تعتمد على المعلومات التي ترد عبر صحفهم، وأكدت أن المفوضية مستقلة ولا تعمل بوصايا الدولة، بقدر ما تعمل من أجل حماية حقوق الإنسان، وأسهبت في ذلك بكثير من التوضيحات، وقالت: إن المفوضية تتلقى شكاوى المواطنين، وهناك لجنة لذلك؛ تنظر في الشكاوى المرفوعة إليها، وتقوم بتقييم البينات، ومن ثم عمل التوصية ثم القرار، وإذا لم ينفذ القرار تكرر المطالبة، وأخيراً يمكن منح الشكاوى صورة من القرار، للذهاب للقضاء أو الصحف. حقيقة إن المفوضية القومية لحقوق الإنسان تجيء في ظروف صعبة، ووضعت أمام تحدٍ كبير لحلحلة مشاكل المواطنين المنتهكة، وكثير من البسطاء لا يعرفون إلى أين يلجأون إذا ما انتهكت حقوقهم، والحقوق المنتهكة تبدأ من البيت، الأب والأم، الذين يضربون طفلهم أو المدرسة التي تتخذ العقاب وسيلة لتأديب التلميذ، أو البنت التي لا ترغب في العريس الذي فرضته عليها الأسرة، وهكذا؛ لذا فإن المفوضية ينتظرها عمل كثير لتقويم المسار.
الأستاذة آمال والمفوضون تلقوا العديد من الشكاوى الشفهية من الصحفيين خلال المناقشات، ومعظمها متعلق بقضايا النشر وإغلاق الصحف، ومنع الصحفيين عن ممارسة حقهم في الكتابة، سيل من الأسئلة انهال على الأستاذة آمال، كلها متعلقة بهضم حقوق الصحفيين من مؤسساتهم، أو من الدولة أو الجهات المختصة، والرقابة الأمنية على كل ما ينشر؛ إن كان العمل الصحفي قد تجاوز الخطوط الحمراء، بجانب انتهاكات حقوق المواطنين – كما أفاد البعض – بعلم أو بدون علم، ولكنها انتهاكات ينبغي على الطرفين معرفتها؛ إن كانت قد وقعت.
إن الأستاذة آمال – كعادتها في الصراحة المشهودة بها – لم تخفِ حتى متابعة إحدى القضايا الأخيرة والفريق الذي يباشر مع الجهات المختصة لمعرفة الحقيقة كاملة، سواء من أفراد الأسرة أو من السلطات المختصة. كما أكدت على استقلالية المفوضية، وقالت: سنسعى بكل ما أوتينا من قوة لتنفيذ نصوص القانون والأداء بالقسم الذي أدوه، وإلا فلن يجلسوا لأخذ المرتبات، فقط في إشارة إلى أنها بإمكانها تقديم استقالتها إن لم تمكّن بما واجباتها.
جو النقاش كان سامياً، واستفاد الصحفيون وأعضاء المفوضية من هذا اللقاء، ولكن كعادة الصحفيين دائماً يحتدم النقاش في قضايا أخرى، بعيداً عن الموضوع المطروح، فالأخ الأستاذ المسلمي الكباشي، مدير مكتب قناة الجزيرة بالخرطوم، طرح بعض الموضوعات، وكانت متعلقة باتحاد الصحفيين، واعتبر أن الاتحاد لا ينفعل بقضايا منسوبيه؛ خاصة الذين يتم اعتقالهم، أو يمنعوا عن الكتابة، ولكن الدكتور تيتاوي، لم يعجبه حديث الكباشي، الذي كان يستند في ذلك إلى أخبار شبكة الصحفيين، وقال له تيتاوي: هذا اتحاد معترف به، وأنت عضو فيه؛ فكيف تستقي معلومات من جهة غير معترف بها؟ واحتدم النقاش بين الطرفين، ولكن رئيس المفوضية طالبت بعدم الانحراف عن اللقاء، فاستأذن الدكتور تيتاوي لأداء صلاة الظهر ولم يعد، أما الأخت أمل هباني، فكانت قد تحدثت وأفاضت عن الاتحاد وقالت: لقد شلنا الفاتحة على الاتحاد من زمان، وذلك لأنه لا يتجاوب مع قضايا منسوبيه.

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية