ولنا رأي

اليوم تبكيك مقاشي وديار الشايقية .. يا خلف الله يا بن الرشيد

{ بعد السياسات التقشفية التي أعلنتها الدولة لمواجهة الحالة الاقتصادية وإعفاء كل مستشاري رئيس الجمهورية وتقليص هيكل الدولة، هل يتوقع أن يتنازل المستشارون والوزراء الذين سيتم إعفاؤهم عن فوائد ما بعد الخدمة لتصب تلك الفوائد في ميزانية الدولة؟ إذا سألنا كم ستكون فوائد ما بعد الخدمة للذين سيتم إعفاؤهم، وإذا افترضنا أن المعفيين حقيقة تنازلوا طوعاً واختياراً عنها، كم سيكون نسبة العجز في الميزانية؟ وهل يتوقع أن تتوازن الميزانية بعد ذلك؟ أم أن هناك إجراءات جديدة سيقوم وزير المالية بالإعلان عنها بعد ثلاثة أو أربعة أشهر نظراً لأن الميزانية ما زالت في عجزها، ولن ينصلح حالها إلا بمزيد من السياسات الجديدة التي تعالج بعض الأخطاء التي لم تكن واضحة.
في المؤتمر الصحفي الذي عقده والي ولاية الخرطوم الدكتور (عبد الرحمن الخضر) الأسبوع المنصرم لاطلاع الصحفيين على السياسات الجديدة التي اتخذت والإجراءات التي وضعت لمواجهة الحالة الاقتصادية بعد رفع الدعم عن المحروقات، الأستاذ (حسين خوجلي) قال للسيد الوالي: ( لا تتوقعوا بعد تلك الإجراءات أن يصمت الشارع، فالشارع سينفجر سينفجر، لكن يجب أن يتم التعامل معه بأسلوب حضاري، إلا إذا حدث نوع من التخريب، والسلطة من حقها اتخاذ الإجراءات التي تمنع التخريب)، وبالفعل خرج الشارع بعد تنفيذ وتطبيق الزيادة على المحروقات، وعبر المواطنون وطلاب الجامعات عن سخطهم لتلك الزيادات وحرقوا إطارات السيارات، ولكن لم نلحظ أية محاولات تخريب حسب ما شهدنا في المناطق التي وقعت فيها التظاهرات، وتعاملت الشرطة مع المتظاهرين بالغازات المسيلة للدموع فقط. في مدينة الثورة وفي (استوب) الحارة الثامنة وعقب صلاة الجمعة الماضية وضع شاب في منتصف العقد الثاني إطار سيارة وسط الشارع، وقبل أن يشعل النار فيه ألقي القبض عليه، لأن لحظة وضع الشاب للإطار كانت تقف بالقرب منه سيارة شرطة، تمت مطاردته وألقت القبض عليه.
رغم ثورة الغضب التي تملكت المواطنين جراء الزيادات في أسعار المحروقات التي بسببها ارتفعت كل تكاليف المعيشة، لم يدخل الكبار حتى الآن الحلبة، مازالوا يتفرجون أو ربما أحسوا أن الحالة التي وصلت إليها (سوريا) الآن، وحالات القتل وهدم المنازل والدمار الشامل الذي طال كل المدن السورية بدون استثناء، جعل المواطن يشفق على هذا الوطن، ولا يريد أن يكون حاله مثل حال سوريا، كما نعلم أن المواطن السوداني من أكثر شعوب العالم صبراً على البلاء والمصائب، لذلك سيصبر على تلك الزيادات وكله أمل أن ينصلح الحال خلال فترة وجيزة، إما بمزيد من الاكتشافات البترولية، وإما التوصل إلى سلام مع دولة جنوب السودان، وإذا تم السلام بالتأكيد الأخوة الجنوبيون سيراجعون أنفسهم وسيتم فتح (بلوفة) النفط ليتدفق من جديد في الأنابيب الناقلة من الجنوب إلى ميناء التصدير (بشائر) على البحر الأحمر، وبذلك تكون قد تبددت الظلمة، وعادت للاقتصاد السوداني عافيته، وأخذت حكومة الشمال درساً قاسياً، ولن تفرط مرة أخرى في زراعة كل الأراضي الزراعية، وستعيد لمشروع الجزيرة تاريخه الناصع من جديد.
{ غيِّب الموت أمس مولانا (خلف الله الرشيد) رئيس القضاء الأسبق إبان الحكم المايوي، الذي استمر لأكثر من عشرة سنوات متواصلة رئيساً للقضاء، وهي أطول فترة يقضيها رئيس قضاء سوداني. مولانا (خلف الله الرشيد) يعد من النواة الأولى لحركة (الإخوان المسلمين) عندما كان طالباً بمدرسة (حنتوب) الثانوية، ولكن لبعض الخلافات آثر الابتعاد، لكن كان قلبه معلقاً بها.
يعد مولانا (خلف الله الرشيد) من القضاة المتميزين وعالماً في مجاله ومرجعاً لمعظم أهل القانون، ويمتاز بالدعابة والفكاهة. بحكم العمل الصحفي، التقيته كثيراً وربطت بيني وبينه مودة صادقة ولم ألحظ عليه في يوم من الأيام الشرور أو التذمر أو الانفعال أو الغضب، كان باسماً دائماً، بهي الطلعة نظيف السيرة والسريرة، أخاً للجميع ومحبوباً لدى كل زملائه من القضاة والمحامين رغم صوته الخافض، ولكن يبعث النشوة في من يجالسه، فاليوم تبكيك القضائية والنائب العام وبدرية وصلاح معروف وعوض الحسن النور وكل زملائك وتلاميذك، وكل أهالي مقاشي بديار الشايقية، يبكوك لدماثة خلقك ومعشرك ومحبتك وطيبة خصالك. ألا رحمك الله رحمة واسعة وأدخلك الجنة مع الصديقين والشهداء.

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية