شهر عشرة حبابه عشرة
تبقت أيام وينطلق الحوار الوطني الذي أعلنه رئيس الجمهورية في فترة سابقة.. والحوار هو المخرج الوحيد من أزمات هذا الوطن.. وبدونه ستظل الأزمات موجودة، وستظل أمريكا تتوعد وتهدد بالفصل الرابع أو البند الرابع، ولن ترفع العقوبات المفروضة فرضاً على السودان ولن تفتر همتها في ترصد السودان ما لم يحدث اتفاق بين الحكومة والمعارضة.. لكن السؤال المطروح حالياً هل ستتنازل الحكومة وتنفذ مطالبات المعارضة التي ظلت تطالب بها؟ أم ستظل عند موقفها؟! فمن أراد الحوار وفق رؤية الحكومة حبابه عشرة وإلا فالباب “يفوت جمل” كما سمعنا في تعليقات سابقة.. لكن الأمور لا تحتمل مثل هذه اللغة والوطن مثخن بالجراح، فلابد من الجلوس معاً من أجل وطن آمن ومستقر، وهذا لن يتأتى إلا بإخلاص النية بين كل الأطراف، فالحركات المسلحة التي ظلت تقاتل لعشرات السنين لن تستطيع تحقيق مبتغاها إلا بالجلوس على طاولة المفاوضات، والحرب لن تحل المشكلة، والبندقية لن تحل المشكلة أيضاً، ولن تحدثا إلا الدمار والخراب، وقد شهدنا كيف صارت دول الربيع العربي وبعد أن كانت آمنة ومستقرة ويعيش مواطنوها في بحبوبة من العيش أصبحت في حالة دمار وهلاك.. والسودان لا نريد أن يكون شعبه كما الصور التي تنقلها لنا الفضائيات يومياً عن نزوح الآلاف من أبناء الشعب العربي خاصة السوريين الذين تشتتوا في ديار الغرب ممزقي الأكباد والأوصال.
من كان يصدق أن أبناء الشعب السوري سيغدون في يوم من الأيام لاجئين أو باحثين عن لقمة العيش عند العرب أو الأوروبيين؟ ومن كان يصدق أن أبناء الشعب العراقي الذين لا يعرفون إلا العراق وطناً وشعباً الآن يتصارعون ويتقاتلون؟؟ من كان يصدق أن الشعب الليبي وما يملكه من ثروة نفطية تفوق بلاد العرب والعجم، الآن يقتلون بعضهم البعض ويتصيدون إخوانهم في المخابئ؟؟ لقد دمرت ليبيا بعد أن كانت ملجأ وملاذاً لعدد كبير من أبناء الشعب العربي، وكذلك اليمن التي وصفت باليمن السعيد الآن أصبحت اليمن الحزين لما نرى ونشاهد من الدانات والدبابات والمدافع وهي تدك المباني بلا هوادة، وأشلاء أبناء الوطن منتشرة هنا وهناك.
السودان وبما حباه الله من نعمة الأمن والاستقرار، أبناؤه مطالبون بالحفاظ عليها، وأن يكون الخلاف في الأفكار لكن الوطن للجميع، وعلى الحركات المسلحة أن تلقي سلاحها وتعود إلى حظيرة الوطن مساعدة ومساهمة في عملية البناء، وكذا الحال بالنسبة للحكومة والمعارضة ينبغي أن تتنازلا عن سقوفات مطالبهما من أجل بناء هذه الأمة.. وشهر عشرة حبابه عشرة من أجل وطن آمن ومستقر.