هل يصدق "موسفيني" هذه المرة!!
زيارة الرئيس اليوغندي “موسفيني” إلى الخرطوم بعد قطيعة استمرت لأكثر من عشر سنوات إن لم تخن الذاكرة، ففي نهاية التسعينيات أو أوائل الألفينات زار الرئيس “موسفيني” الخرطوم وأجرى نفس المباحثات التي أجراها خلال زيارة اليومين التي أمضاها بالخرطوم، وأقام نفس الندوة أو المحاضرة بقاعة الصداقة بالخرطوم، وربما نفس الناس حضروا المحاضرة السابقة والحالية. ولا أنسى وقتها في المحاضرة السابقة كان الدكتور “سلاف الدين صالح” يشغل منصب وزير الشؤون الإنسانية، فقدم مداخلة باللغة الانجليزية عن محاضرة “موسفيني” كانت رائعة. ولا أنسى أيضاً أن الرئيس “موسفيني” وأثناء المحاضرة فجأة وقف وذهب إلى الحمامات كأنما كان جالساً وسط أسرته أو أصدقائه، ولا أعتقد أن وزيراً أو أي مسؤول إذا كان في وضعه لما استطاع أن يتصرف نفس التصرف.
إن زيارة “موسفيني” تعول عليها الدولة من أجل أن ينصلح حال يوغندا وعلاقاتها مع السودان مع تحسن أيضاً العلاقات مع دولة الجنوب، ولكن الرئيس “موسفيني” وبعمر الإنقاذ الستة وعشرين عاماً هو نفس “موسفيني” لم يتغير أبداً ونظرته دائماً عدائية للسودان الشمالي، مثله ومثل الإخوة الجنوبيين الذين شاركوا في الحكم أمثال “أتيم قرنق” والدكتور “رياك قاي” الذي تنقل في الوزارات الثروة الحيوانية وغيرها حتى كان من أعضاء المؤتمر الوطني، ولكن حينما بدأ الانفصال ضربوا بالشمال عرض الحائط وأساء أولئك لتلك العلاقة وذهبوا إلى دولتهم ظناً منهم سيجدون مواقع قيادية، فالدكتور “رياك قاي” دللته الحكومة وجعلته من الأبناء المدللين واشترت له منزلاً فاخراً بمنطقة المهندسين على حساب القيادات في الشمال الذين لم يجدوا راكوبة يجلسون بداخلها، وكذلك “أتيم قرنق” و”باقان أموم” فهؤلاء لا يقلون عداءً للسودان رغم الإحسان الذي وجدوه.. فالرئيس “موسفيني” تدفعه مصالحه الشخصية ومصالح وطنه أولاً قبل أن تكون هناك مصلحة لدولة الشمال وزيارته زيارة مصالح، وقد يقول قائل ما الدنيا مصالح، نقول الدنيا مصالح ولكن هذه مصلحة مؤقتة سينفجر الوضع بعدها ولن يعمر شهر العسل طويلاً بيننا ويوغندا ودولة الجنوب كذلك، لقد تنازلت حكومة الشمال من أجل استقرار المنطقة وقدمت عشرات المساعدات ليوغندا ولدولة الجنوب ولكن الحال نفس الحال، فإسرائيل وأمريكا لن يكونا أحرص منا في تنمية العلاقات بين دول الجوار وسترون بأم أعينكم إن تحسنت العلاقات أو تنازل “موسفيني” عن المخطط الذي يقوم به وما تقوم به دولة الجنوب.
لقد مدَّ السودان الشمالي يداً بيضاء لموسفيني وليوغندا ولكن المعاهدات والمواثيق التي تكتب يصب عليها الماء في لحظات وتعود ورقة بيضاء.. نأمل أن يصدق “موسفيني” هذه المرة وأن يساعد في استقرار دولة الجنوب والمنطقة.